خاص التحري نيوز

خاص : فلسطين تعيد ‘ السنة ” في لبنان إلى مربع المقاومة …

 

كتب المحرر السياسي في موقع ” التحري نيوز”

ليس مستغربًا أن تشارك الجماعة الإسلاميّة في لبنان في مقاومة الاحتلال، في ظلّ العدوان “الاسرائيلي” الحالي على قطاع غزة، وليس مستهجنًا أيضًا ما عبّر عنه إمام مسجد الإمام علي، في بيروت، المفتش العام المساعد لدار الفتوى الشيخ “حسن مرعب” من مواقف داعمة للمقاومة، ووقوفها الى جانب فلسطين وقضيتها. فهذا دأب طائفة أهل السّنة والجماعة، وهذا دينها وديندنها، لطالما كانت فلسطين بوصلتها، أهلهم أهلها، وكرامتهم كرامتها، وقدسهم قدسها وأقصاهم أقصاها. وهي لم ولن تكن يومًا بحاجة لمن يورّطها أو يجرّها – كما يحاول بعضهم تصوير الأمر- إلى دعم أخوانها الفلسطينيين في غزة والضفة، وأراضي فلسطين المحتلّة كلّها، ومساندتهم بمواجهة الاعتداءات “الإسرائيليّة” المتكرّرة عليهم.
لطالما كانت طائفة أهل السّنة في لبنان رائدةً للقضية الفلسطينية، لطالما تفاعلت معها عند كلّ مفصل من مفاصلها منذ نكبة العام 1948 حتى يومنا هذا. فلم تكتفِ بالتظاهر والتأييد؛ بل احتضنت اللاجئين الفلسطينيين، ومدّت ثوارها بالسّلاح والذخائر، وقاتلت إلى جنبهم كتفًا إلى كتف، وقدّمت خيرة شبانها شهداء على درب التحرير، من فاتح عهدهم في أول القافلة الشّهيد “خليل عز الدّين الجمل”، والذي استشهد في 15 نيسان 1968، في معركة شرسة ضد جيش الاحتلال “الاسرائيلي” في منطقة “تلّ الأربعين” في غور الأردن، إلى الكثيرين غيره… ومنهم مجموعات المتطوّعين الصّيداويين التي قادها، في تلك المرحلةـ الزعيم الشعبي “معروف سعد” لقتال العصابات الصهيونية في فلسطين، مرددًا “إنّ إرادة القتال هي السّلاح الأمضى لاستعادة الحقّ السّليب في فلسطين”، وصولاً إلى المواقف الخالدة لمفتي الجمهوريّة الشيخ ح”سن خالد”، والتي كان يؤكد فيها على وحدة الصّف العربي والإسلامي بوجه العدوّ واستعادة فلسطين وتحريرها بالقوة.
يسيء بعضهم لأهل السّنة، في لبنان اليوم، عن قصد أو غير قصد، حينما يتنكّر لتاريخهم وسجلّهم الذهبي الطويل والحافل بمقاومة الاحتلال ومقارعته، ويُلبسهم ثوب الذلّ والخنوع وجلوس القرفصاء… فمن يدّعي الحرص عليهم اليوم، لا يجوز له أن يفصلهم عن تاريخهم وعن قضيتهم الأساس، القدس والمسجد الأقصى، ولا يجوز له أن يترك حكومة الاحتلال “الاسرائيلي”- ومن خلفها الغرب في المقابل – تستفرد بأهل غزة، وتصفية القضية الفلسطينية عن بكرة أبيها، من دون أن يرفّ له جفن، ولا يجوز له أن يقف صامتًا إزاء تكرار نكبة الـ48 مرة ثانية في العام 2023 بترحيل أهل غزة وسلبهم أرضهم التي بُذلت الدماء الغالية لتحريرها في العام 2005.
صحيح أنّ العالم بأكمله يقف، اليوم، منحازًا إلى جرائم “إسرائيل” بحقّ المدنيين العزّل في غزة، لكن المنطلق الديني الإسلامي أولاً، والإنساني ثانيًا، يفرض علينا، بصفتنا طائفةً قدّمت الكثير الكثير الوقوف وبشدة وأكثر من أي وقت مضى، ووبكل ما أوتينا من قوة، إلى جانب الضحية في فلسطين، إلى جانب أطفالها ونسائها ومسّنيها، بوجه الجلاد “لإاسرائيلي” وآلته الإجرامية الهمجيّة، وارتكاباته الدّمويّة غير الإنسانيّة، والتي تجاوزت كلّ حدود، لا أن نخضع للضغوطات الغربيّة والأميركيّة، فلا نبالي لما يُراق من دماء أحبّتنا، ونصمّ آذاننا أمام هول ما يُرتكب بحقهم من مجازر.
سلاح الموقف، اليوم، ليس سوى أضعف الإيمان، وحجم ما يجري بات يتطلّب منا المزيد من الدّماء والتضحيات، وألا نكتفي بصدّ العدوان بكلمة حقّ، وبالتصدي للحملات الإعلاميّة والحروب النفسية التي تحاول تشتيت وحدتنا، نحن المسلمين بمواجهة العدوّ؛ بل أن نشارك بصفتنا قوى مقاومة بعمليات ميدانية لمناصرة غزة ورفع معنوياتها، كما فعلت وتفعل الجماعة الإسلاميّة التنظيم الذي قدّم الكثير من الشهداء في مواجهة الاحتلال على طريق القدس وتحرير لبنان؛ ومنهم الشّهيد القائد جمال الحبال (قائد قوات الفجر)، ونزيه القبرصلي (ابن 13 عامًا)، ومحمد علي الشريف ومحمود زهرة..وغيرهم كثر ممن بسطوا دمهم على تراب لبنان وفلسطين.

زر الذهاب إلى الأعلى