خاص : حزب الله اصبح في قلب المعركة … وما اعده صادم .
كتب المحرر السياسي في موقع ” التحري نيوز” .
مشاهد تدمير “الميركافا” واحتراقها، وهي “أسطورة” وفخر الصناعة العسكريّة “الإسرائيلية” على طول الحدود مع لبنان، باتت شبه يوميّة.. أنظمة التجسّس والاتصالات والرادارات في مواقع الاحتلال باتت كطيور الإوز في مرمى النار.. إسقاط المسيّرات أضحى شبيهًا بصيد البط..، جنود العدوّ لم يعودوا يئبّون رؤسهم من داخل تحصيناتهم.. دشمهم تحوّلت مقابر، وآلياتهم توابيت، كالفئران ما عادوا يجرأون على الخروج من جحورهم المختبئين بها، لا كمائن، لا مسير معتاد، دورياتهم غابت عن تفقّد الحدود، كلّ من خرج من جحره طيّر “الكورنيت” رأسه، مهما علا أو كانت رتبته، ومنهم نائب قائد اللواء 300 الكولونيل “عليم سعد”.
واقع حال جنوب لبنان المتماهي هذه الأيام، كما كان في كلّ الأيام مع مقاومة غزة والمساند لها بقوة، يدلّ من جهة على أنّ حزب الله في قلب المعركة وصلبها، ويحمل في طياته مشاهدَ عزّ جمّة للمقاومة وذلًا للاحتلال. دلالاتها أعمق من أن تحوطها الأحرف والكلمات، فللمرة الأولى يقف الجيش “الإسرائيلي”، والذي قيل إنّه “لا يقهر” وإنّه “أقوى جيش في الشرق الأوسط”، عاجزًا في موقع الدفاع، يتلقّى ضربات مقاومي حزب الله الهجوميّة، من دون أن تسعفه تكنولوجيا العالم كلّها، وللمرة الأولى يقف متردّدًا وعينه على حزب الله، يحسب مليون حساب قبل دخول غزة برًا، بعدما سويت معنويات جنوده بالأرض. وهم يترقّبون الموت الآتي إليهم من كلّ حدب وصوب جراء ضربات حزب الله اليوميّة، والتي استهدفت ما يزيد عن 105 مواقع، كبّدت العدوّ خسائر كبيرة في صفوفه، أحصي منها ما يزيد عن 120 قتيلًا وجريحًا، بالرغم من تكتّم الاحتلال عن خسائره وأعداد قتلاه.
الدعم الذي قدّمه حزب الله لإخوانهن في قطاع غزة، تجاوز إنهاك العدوّ وإرباكه وتحطيم معنويات جنوده، إلى تكبيده خسائر ماديّة كبيرة في إسقاط مسيّراته، وتدمير آليّاته ومنظوماته، ومنها ناقلتي جند وسيارتي هامر و9 دبابات، 69 منظومة اتصالات، 140 كاميرا مراقبة و17 نظامًا من أنظمة التشويش، و33 رادارًا و27 منظومة من منظومات الاستخبارات.
الخسائر البشريّة والماديّة التي ألحقها حزب الله بجيش الاحتلال “الإسرائيلي”، على الحدود اللبنانيّة، أفقدته توازنه، ووضعته بين “فكّي كماشة” مقاومة غزة في الجنوب ومقاومة حزب الله في الشمال، وفرضت على “حكومة نتنياهو” تأخير عمليّة جيشها البريّة حوالي عشرين يومًا، ما شكّل فرصة ثمينة لمقاومي غزة لتعزيز وضعهم الميداني. هذا فضلًا عن أنّ دخول حزب الله إلى المعركة بقوّة استنزف العدوّ، واضطره مرغمًا على تخصيص ما لا يقلّ عن نصف طاقاته وموارده وقدراته للجبهة الشماليّة، مستنفرًا ومتحسبًا من إطباق الحزب فجأة على الجليل، مع ما تسبّب به ذلك من خوف وهلع عبّرت عن نفسها في إخلاء 28 مستوطنة شماليّة ونزوح 65000 مستوطن إلى الداخل المحتلّ، من دون أن ننسى أيضًا حال الشلل التام التي يعيشها الاحتلال اليوم، وما يتكبّده من خسائر ماليّة واقتصاديّة يوميّة جرّاء تعطّل مرافقه الحيويّة كافّة.
ما يقوم به حزب الله، اليوم، من مساندة أهل غزة المظلومين الصّامدين ليس جديدًا ولا مستغربًا، وهو خطوة في مسار ومشوار طويل بدأه الحزب منذ تأسيسه العام 1982، حينما يممّ وجهه نحو فلسطين، وحدّد بوصلته تجاه القدس والمسجد الأقصى الذي شهد على واحدة من محطات دعم الحزب لفلسطين في انتفاضة لبعام 2000.. يوم قدّم حزب الله شهداء على طريق تحرير القدس؛ منهم: الشهيدان “علي صالح” و”غالب عوالي”، ليزفّ اليوم بافتخار قافلة جديدة من خيرة مجاهديه الذين مضوا على الطريق نفسه.
إذ منذ الـعام 2000 حتى اليوم، واصل حزب الله ومعه محور المقاومة مدّ الفصائل الفلسطينيّة في غزة بأشكال الدّعم كافّة، من تسليح وتدريب وتطوير قدرات وتبادل معلومات ونقل خبرات وتجارب.. بالتوازي مع الاستنفار الإعلامي والدّعم الشّعبي الذي كان حاضرًا دومًا في كلّ المفاصل والميادين وجولات المواجهة السّابقة، حتى أتى العدوّان البربري والهمجي الأخير على غزة، بغطاء دولي كامل ووسط صمت وتخاذل عربي مخزي.. فلم يجرؤ أحد، في هذا العالم، على الوقوف بوجهه سوى محور المقاومة، وعلى رأسه حزب الله الذي انخرط بالمعركة على نطاق واسع وشامل على طول حدود فلسطين المحتلّة، وقدّم خلالها تضحيات جسام وفاتورة دم غالية، اختلط فيها الدّم اللّبناني بالدّم الفلسطيني لتحقيق النصر الآتي وإلحاق الهزيمة الكبرى بجيش الاحتلال، تمهيدًا للتحرير الشامل والكامل لفلسطين من النهر إلى البحر.