خاص التحري نيوز

هكذا بدأ التوسع الإيراني في المنطقة ؟ … عمر ابراهيم .

هكذا بدأ التوسع الايراني في المنطقة ... عمر ابراهيم

 

منذ الإعلان عن ولادة الجمهورية الإسلامية الإيرانية قبل عقود وسقوط نظام الشاه الذي كان يعتبر شرطي اميركا في الخليج ، بدأت المنطقة برمتها تشهد تحولات دراماتيكية على صعد مختلفة، وبدأ معها التوتر بفعل التحريض الأميركي والغربي يتصاعد ويتسلل الى الدول العربية على خلفيات سياسية ومذهبية وعرقية، وكانت أولى تداعيات هذا التحريض الحرب الإيرانية _ العراقية المدمرة لاقتصاد البلدين، والتي اوقعت عشرات آلاف القتلى والجرحى.
هكذا إريد لإيران ان تتحول منذ أن نشأتها بعد ثورة شعبية الى دولة ” عدوة” لمحيطها العربي والاسلامي بعد ان نجحت الدعاية الغربية والاميركية في اذكاء الفتن المذهبية والترويج لخطورة توسع “الدولة الفارسية”، وربما ساهمت السياسات الخاطئة أيضا وعدم ادراك خطورة ما يحاك للمنطقة بداية في ترسيخ هذه العداوة، التي كلفت العرب ثروات طائلة أنفقت لشراء الأسلحة وكذلك حال إيران التي أنفقت بالمقابل من أموالها ما يكفي خلال حربها مع العراق، والتي انتهت وانكشف معها حجم ” المؤامرة” التي حيكت ، بعد أن تحول الرئيس الراحل صدام حسين في ليلة وضحاها من ” بطل عربي” في مواجهة ” الفرس” الى عدو للعرب اجتمعوا عليه خلف أميركا واطاحوا بحكمه تحت ذريعة أسلحة الدمار الشامل والخطر من وجوده على امن الخليج العربي.
وبالعودة إلى بداية التوسع الإيراني سياسيا وعسكريا ، والذي كان مع القضية المركزية للعرب والمسلمين ، وهي فلسطين التي كان يذبح شعبها على غرار ما يحصل اليوم أمام مرآى ومسمع العالم اجمع، وكانت مقاومته سلاحها الوحيد هو الحجر في مواجهة اعتى قوة عسكرية في المنطقة، على غرار الشعب اللبناني الذي كانت اسرائيل تحتل جزءا من أرضه وتنتهك سيادته، فبدأت إيران بمد المقاومة في لبنان وفلسطين بالاسلحة وتوفير الدعم اللازم لهما لمواجهة آلة الحرب الصهيونية وللتعويض عن غياب الدعم العربي، واستطاعت إيران خلق معادلات بعد أن تحولت المقاومة في لبنان إلى قوة عسكرية أجبرت العدو على الانسحاب وكذلك في فلسطين حيث بنت حماس قوة أثبتت اليوم نجاعتها رغم كل الخسائر البشرية والمادية في صفوف المدنيين.
هذا الحضور الايراني في لبنان وغزة ما كان ليحصل لولا غياب العرب ولولا ضعف قرارهم في مواجهة أميركا، وهو الأمر انسحب على سوريا ، حيث استغلت أميركا ” الثورة” وابتزت العرب بغية نهب اموالهم قبل أن تنسحب من المشهد السوري ويتخلى العرب عن ملايين السوريين الذين هجروا بفعل هذه الحرب التي دخلت فيها إيران دفاعا عمن تعتبره خليفها وهو في السياسة بغض النظر عن رأي البعض حق لأي دولة تبحث عن تحقيق مصالحها والدفاع عن حلفائها، خصوصا لما تمثله سوريا بالنسبة لإيران على صعد مختلفة ولعل أبرزها موقعها الجغرافي الذي يعتبر الخط الخلفي للمقاومة في لبنان.
فكان الوجود الإيراني اليوم في سوريا والذي ما كان ليكون بهذا الحجم والتأثير لولا انكفاء العرب وتخليهم عن القيام بواجباتهم، وهو أمر أيضا ينطبق على العراق الذي قسم الى دويلات واجتاحته الفوضى ودمرت الحروب الداخلية ما تبقى من اقتصاده ، في ظل غياب اي موقف عربي أو تدخل مباشر لوقف شلال الدم في هذا البلد واعادة بناء دولته، فكانت إيران بديلا لهذا الفراغ العربي.
وتوسع إيران لم ينته هنا بل وصل الى اليمن التي زج بها بحرب من دون عنوان، وكذلك السودان حيث تشير كل المعطيات الى دعم واضح من إيران للجيش النظامي السوداني في مواجهة ميلشيات الدعم السريع التي تشكلت بدعم عربي وغربي بهدف الاطاحة بحكومة تصنف على انها تتبع للاخوان المسلمين ، على أن المشهد في ليبيا غير واضح حتى الآن ومن سيدخل الى تلك الدولة التي تآمر عليها الغرب والعرب ودمروها .
باختصار فإن التوسع الإيراني في المنطقة جاء على حساب العرب الذين تخلوا عن دورهم وسلموا قرارهم لاميركا التي تثبت يوما بعد يوم ان اولويتها اسرائيل فضلا عن مصالحها، وما زال البعض يسأل لماذا إيران باتت مؤثرة في بعض الدول العربية؟، على أن هناك من يأخذ على ايران دعم الشعب الفلسطيني في حربه عسكريا ومن خلال عمليات الإسناد من اليمن وصولا الى لبنان مرورا بالعراق وسوريا، وكأن المطلوب أن يموت الفلسطيني بهدوء حتى لا يزعج العرب في حفلاتهم الساهرة .

زر الذهاب إلى الأعلى