خاص التحري نيوز

انه يوم النصر … د . خالد جمال



هكذا تبدأ الأغنية الأكثر شهرة في تاريخ الأتحاد السوفيتي.
٩ ايار ١٩٤٥ ،تتقدم الفرق التي تمثل الجيش الأحمر متتالية متلازمة منصهرة، وهي ترفع رايات المانيا النازية وبيارق جيوشها، ثم تنحرف الى اليمين لتلقي الاعلام والبيارق تحت قدمي ستالين الواقف بشموخ فوق المنصة في الكرملين امام الساحة الحمراء،حيث يجري عرض النصر.،قرب ضريح لينين، وحوله قادة الحزب الشيوعي والجيش الاحمر واولهم جوكوف القائد العسكري الذي لم يخسر معركة قط.
تلى العرض مأدبة عشاء احتفالآ بالنصر. يقف ستالين على رأس الطاولة ويقول (وهو الجورجي القوقازي) ارفع نخب الشعب الروسي. لم يذكر اي قومية اخرى من القوميات المئة والعشرون التي يتألف منها الاتحاد السوفيتي. كانت لحظة امتنان عميق لهذا الشعب الذي قدم ثلاثين مليون قتيل من اجل تخليص العالم من النازية، ولم يتوقف عن الحرب حتى دخل برلين ورفع العلم الأحمر على مبنى الريخستاع.
يطلق الروس على الحرب العالمية الثانية تسمية الحرب الوطنية العظمى. وهي كانت وطنية لأن الأمة جميعها شاركت بها، ولم تسلم منها اي اسرة ففي كل بيت هناك ذكرى عن جد او جدة او عم او عمة خال او خالة او ابن او ابنة قتل او قتلت فقد او فقدت اثناء الحرب. وطبعا ككل المصائب الكبرى تكشف الحرب  العيوب وكذلك المحاسن؛ فيظهر الخائن والعميل والجبان كما يظهر الوفي والأصيل والشجاع. وهي عظمى لأن الاتحاد السوفيتي خرج بعدها كقوة عالمية تسيطر مباشرة على نصف اوروبا ويمتد تأثيره الى العالم كله.
وقف الجيش الالماني، الذي اندفع بقوة داخل الأراضي السوفياتية عند بدء الحرب، وقف عند ابواب موسكو التي لم يغادرها ستالين رغم نصيحة مستشاريه ورغم اجلاء سكانها، ولقنه المدافعين عن موسكو درسآ قاسيآ في كيفية الدفاع عن الوطن. ووقف عند لينينغراد بعد ان حاصرها ومنع عنها الغذاء والماء والفيول في برد قارس، ومات نصف سكانها بردآ او جوعآ ولكنها لم تستلم وهناك على ضفاف نهر النيفا تروى اصعب القصص عن المرؤة والشجاعة والتضحية. ووقف عند ستالينغراد المدينة التي تحمل اسم القائد. وسيطر على ثلثيها،وبقي القسم الثالث على جانب نهر الفولغا الشرقي يقاوم حتى قدوم الجيش الأحمر ليطبق على الجيش الألماني الرابع فيأسره مع قيادته دون قيد او شرط، فكانت بداية الهجوم السوفيتي المضاد وكانت بداية الأنتصار.
خرج الأتحاد السوفيتي منتصرآ. من حرب غيرة وجه العالم ولكنه لم يتغير معها، فتعب القلب وترهلت الأطراف ومل الناس طول انتظار اشتراكية لم تتحقق. بل سادة البيروقراطية ونخرت جسد الدولة المترهلة التي لم تتلائم مع العصر ولا مع طبائع الناس الأساسية وانهارت واحدة من اعظم تجارب التاريخ. ولكنه يوم النصر الذي يحتفل به مئات الملايين ويخلدونه كذكرى عن حرب صنعت التاريخ.

زر الذهاب إلى الأعلى