خاص التحري نيوز

دول بلا عمق … د . خالد جمال .

قد يكون العمق تاريخا مشرفا، حضارة، لغة،دين.او قد يكون جغرافيا فيها البحر والانهار والجبال والهضاب والسهول والصحارى.وقد يكون هذا وذاك معا.

عندما هاجم هتلر بولندا ،انهارت بسرعة ،رغم مقاومة البولنديين وشجاعتهم،لانه كان قد تقاسم عمقهم مع ستالين ،لم تسنح لهم الفرصة للجؤ الى مكان امن.وكذلك فعل هتلر مع باقي الدول الاوروبية ،فاحتلها جميعا حتى فرنسا،كان الأمر اشبه بنزهة ،ما اسماه الاستراتيجيون بالحرب الخاطفة.
لكن عندما قرر هتلر مهاجمة الاتحاد السوفيتي في العملية العسكرية الخاطفة التي اسماها(بربروسا)،اصطدم بعوامل عدة ،قد تكون الشجاعة والالتزام والانضباط احداها ،وقد يكون الصقيع كذلك ولكن الاهم كان العمق ،لم يستطع هتلر ان يتجاوز القسم الاوروبي من روسيا ،فكيف بك بما بعد الاورال ،اي القسم الاسيوي منها ،لقد كانت القطارات تنقل الشباب السيبيري الى الجبهة بشكل دائم ولا متناهي.

في عام ١٩٢٠ ،ارسل كمال اتاتورك الى الاناضول من اجل ايقاف اعمال اللجان الشعبية المقاومة للاحتلال الغربي، الذي كان قد سيطر على معظم اراض تركيا،وكانت الحجة انهم كانوا يقتلون المسيحيين.انضم مصطفى كمال الى الثوار،سيطر عليهم ونظمهم ،وخاض بهم المعارك التي ادت الى تحرير تركيا الحديثة،ضد الغربيين مجتمعين،شكل الاناضول العمق الذي انطلق منه الاتراك لتحرير بلادهم.

في عام ١٩٣٦ ،حاصر القوميون الصينيون ،الجمهورية السوفيتية الصينية ،التي ترأسها ماو تسي تونغ ،فمضى في رحلة طولها ٦٠٠٠ كيلومتر ،تسمى بالرحلة العظيمة ،خسر خلالها ٨٠٠٠٠ شخص ،كانت رحلته الى العمق الصيني بتضاريسه المختلفة،حيث استرد انفاسه واعاد تنظيم جماعته، ورويدا استعاد السيطرة على الصين ،وفر القوميون الى تايوان.

في المشرق العربي كان عمق دول المواجهة موجود في العراق، كان اذا اصاب ضعف هذا المشرق ،يأتي الدعم من العراق ،كان الخليج العربي يسند ظهره الى العراق ،اي تهديد كان يمكن التخفيف من اثره بعمق العراق.لهذا كان لسقوط العراق هو سقوط العمق قبل سقوط الاطراف ،له تأثير اشبه بتأثير الدومينو ،فما ان يقع اول حجر حتى تلحق به باقي الاحجار.وصح بنا القول ،بدل ان يقولوا اخذ من مأمنه ،كان القول اخذ من عراقه.

زر الذهاب إلى الأعلى