تعرف ايه عن المنطق؟ … د. خالد جمال

هذا كان سؤال سهير البابلي،المعلمة في مسرحية مدرسة المشاغبين،للطالب سعيد صالح،الذي كان احدهم،وبعدما تردد كثيرا اجاب: لما ينضرب حد على رأسه ،يوقع ما يحطش منطق.ترى هل ضربنا على رؤوسنا.
عندما كنا ندرس في دانيتسك ،في معهد مكسيم غوركي للطب،تقاعدت مديرة الجامعة ،وكانت البروفسير زاخارينكا، في عمرها المتقدم بحاجة الى بعض العمل بسبب ظروفها وكونها عزباء وحيدة ،وما زالت تتمتع بعقل راجح،فاختارت الجامعة لها مجموعة من الطلاب الاجانب ،لتقوم بتدريسهم علم التشريح،وهي كانت من كبار الخبراء في هذا المجال.من حسن حظي ،رغم امتعاضنا في البداية،لان الدراسة كانت اضافية،كنت من هذه المجموعة،وبعد الدرس الاول وجدتني اتلقى درسا اضافيا خاصا مع هذه الحكيمة ،التي كانت تشبه غولدمائير في الشكل.دروس خصوصية اضافية ،قد تمتد ساعات ،والهدف هو العلم ،وعلم التشريح تحديدا ،ولكن قبل كل شيء كان علي ان اتعلم بان لكل مادة، مهما تنوعت واختلفت ،نقطتين اساسيتين وهما :المنطق والادوات،فاذا عرفت المنطق واستخدمت الادوات المناسبة ،لن يصعب عليك كشف اي سر ،مهما بلغت عقده.وهكذا ظفرنا بالعلم والمعرفة بدون اي مقابل مادي،والنتيجة منطق وادوات.
السياسة هي ايضا مادة علمية ،لها منطقها وادواتها ،التي تكتسب بالخبرات وتدرس في الجامعات.وعندما يختل المنطق ولا تستخدم الادوات المناسبة ،فاعلم هذا سيؤدي الى الخراب والدمار،وهذا تماما ما نراه حولنا في هذا المشرق الذي ينهار ،لاسباب عديدة ولكن اهمها هو غياب المنطق ،واستخدام ادوات الفتك بدل ادوات الرحمة،تماما كما يحدث في عالم الطب.
من المنطق ان تعمل القوى الوطنية من اجل مصلحة بلدها،وليس من اجل مصلحة دولة اخرى.
من المنطق ان تتلاحم القوى الوطنية حول قواسم مشتركة ،تؤكد وحدة البلد ،بدل المطالبة بتقسيمه بين فينة واخرى.
من المنطق ان يكون السلاح والسلطة في يد جهاز رسمي واحد،يعمل بتوجيهات سلطة سياسية.
من المنطق ان يكون حق الدفاع عن الوطن ،ملك لابناء الوطن ومن يمثلهم في الهيئات السياسية المنتخبة.
ومن المنطق ان تحفظ حقوق الناس المادية والمعنوية.
من المنطق ان يحصل المواطنين على ابسط حقوقهم ،في التربية والصحة والتنقل والعمل.
اذا لم يوجد هذا ،فلا شك ان لا منطق هو من يسود ،وعادة يكون منطق احتلال ،او بحد ادنى منطق استبداد.