بعد عملية ماهر … هل ثمة تحولات كبرى على الحدود الاردنية؟!
كتب المحرر السياسي في موقع ” التحري نيوز” .
وحده الأردني ماهر الجازي جعل للكرامة العربية معبرًا ومعنى، يوم أردى بطلقاته أمس ثلاثة جنود “اسرائيليين”، وأردى معهم عار الذل، وهوان الصمت العربي، مبشرًا بولوج فجر جديد لاحت ملامحه في الضفة الغربية وغور الأردن، حتى غدا رئيس حكومة الكيان “الاسرائيلي” بنيامين نتنياهو وكأنه يلحس مبرد الجبهات، فلا يكاد يهدد بالويل والثبور وعظائم الأمورعلى جبهة حتى تأتيه الصفعة تلو الصفعة من جبهات أخرى، فيما جيشه ليس أفضل حالاً فقد أضحى مستنزفًا على جبهات متعددة ومحاصرًا من غزة على الحدود المصرية، ومن الضفة لجهة الحدود الأردنية، ومن اليمنيين في إيلات جنوبًا ومن المقاومة اللبنانية شمالاً.
أما مرد أهمية هذه العملية الجريئة والشجاعة فلكونها أتت مفصلية بتوقيتها، وفي مرحلة انتظار الكيان “الاسرائيلي” للردين الايراني (على اغتيال قائد حركة “حماس” اسماعيل هنية) واليمني (على قصف الحديدة)، وبعد اسبوعين على رد حزب الله على اغتيال القائد الجهادي الكبير فؤاد شكر، كما جاءت بعدما سبقتها محاولات من جيش العدو “الاسرائيلي” لتوسيع رقعة المعارك من غزة باتجاه جنوب لبنان وباتجاه الضفة الغربية ومخيماتها في جنين وطولكرم وغيرها..، ما أحرج القادة السياسيين والعسكريين، وأظهر أنهم ارتكبوا حماقة بفتح جبهة الضفة بهذا التوقيت القاتل، ليرتفع بذلك عدد الجبهات التي تقاتل العدو الى سبع جبهات وفق شهادة قادته.
لا تقتصر مفاعيل العملية على نتائجها المادية المباشرة وما أسفرت عنه من مقتل ثلاثة صهاينة بل تتعدى ذلك الى ما هو أبعد بكثير من ذلك لكونها أتت في منطقة معابر حدودية مع الأردن (معبر الكرامة/وسط الاردن يربطها بالضفة ومخصص للفلسطينيين- معبر الشيخ حسين/شمال الاردن مخصص للسياح – معبر وادي عربة/جنوب الاردن مخصص للسياح “الاسرائيليين) وفي ظل اجراءات أمنية مشددة ومعقدة، ما شكل فشلاً أمنيًا واستخباراتيًا جديدًا للعدو الذي فشل باكتشاف العملية قبل وقوعها، وبذلك تمكن الجازي من فتح جبهة مساندة لغزة والضفة انطلاقًا من الحدود الأردنية كاسرًا، بذلك كل معادلات واتفاقيات السلام والاستسلام في وادي عربة وغيرها.
هذه العملية كان سبقها قبل شهر واحد فقط عملية أخرى عند مفترق مستوطنة “محولا” في غور الأردن أفضت الى مقتل مستوطن وإصابة آخر، في عملية إطلاق نار وتمكن المنفذون من الانسحاب بسلام.. هذه المساحة الزمنية أو الفارق الزمني بين العملتين تنذر بأن ثمة تحولات كبرى تجري على الحدود الاردنية وأنه بينما يتمسك نتنياهو بمحوري فلادلفيا ونتساريم استفاق ليجد نفسه أمام تحد هائل جديد لا يقل بل يفوق فيلادلفيا خطورة، بالنسبة اليه اسمه الضفة الغربية وتهريب السلاح عبر المعابر الاردنية.
وقد عبرت ردة فعل الشارع الأردني، على عملية معبر الكرامة وخروج المؤيدين بالآلاف في مسيرة، من المسجد الحسيني وسط عمان القديمة، لتوزيع الحلوى في الطرقات، وإقامة زفة للشهيد ماهر الجازي والتبريك للمقاومة بالعملية عبرت عن نفسها ببهجة عارمة في صفوف الاردنيين واللاجئين الفلطسينيين اليها خصوصًا والعرب عمومًا الذين تنفسوا الصعداء بعد أحد عشر شهرًا من محاولات التضييق عليهم وتقييد حركتهم وتحركاتهم دعمًا لغزة وفلسطين. ما أكد مجددًا أن الشعوب العربية باتت أكثر من أي يوم مضى تعيش هاجسًا واحدًا وترى نفسها أمام عدو مشترك يفرض عليها التوحد لمواجهته، وترى أن المقاومة هي أملها الوحيد الذي أثبت فعاليته ونجاعته بهذه المواجهة بمواجهة الوحشية البربرية وحرب الإبادة الجماعية التي يقوها كيان العدو، لتتحطم بذلك على أعتاب معبر الكرامة على حدود الاردن وفلسطين -كنموذج – كل مشاريع التسوية السياسية والتطبيع وكل التآمر ومشاريع التهجير وتصفية القضية الفلسطينية التي خطط لها وصرفت مئات المليارات على طريق تسويقها بين العرب.