خاص التحري نيوز

السياسة والفن .. د . خالد جمال .

علاقة السياسة بالفن هو موضوع شائك ومعقد، ويحتاج الى مجلدات للاضاءة على جوانبه، ولكننا سنحاول في مقال مختصر ان نعبر عن بعض خصائصه. وقبل ان نتطرق الى العالم العربي، فلنذهب الى الولايات المتحدة، حيث تخوض نائبة الرئيس الاميركي، والمرشحة عن الحزب الديمقراطي كاميلا هاريس، معركة قاسية في وجه مرشح الحزب الجمهوري، الرئيس السابق دونالد ترامب، فما علاقة الفن بهذا، يكفي ان نشير الى ظاهرتين، الاولى ان بايدن، الرئيس الاميركي، توقف عن متابعة السباق الرئاسي وافسح المجال لنائبته، بسبب رسالة كتبها الممثل الاميركي الشهير جورج كلوني، يدعوه فيها الى التنحي كي لا يفوز ترامب. اما الظاهرة الثانية وهي الاهم والاخطر، فهي تايلور سويفت، المغنية الاميركية الشهيرة، والتي قد يتأثر حوالي ثلاثين مليون ناخب اميركي برأيها في الانتخابات القادمة، مما دفع ترامب الى مهاجمتها شخصيا، بعد ان استشعر خطرها على حظوظه، فهي من الداعمين لكاميلا هاريس.

يقال بان العالم العربي، كان يسهر ويغفو على صوت ام كلثوم، ويستيقظ ومعه نهاره على صوت فيروز، وانا ازعم بان هذه الحقيقة مازالت مستمرة الى اليوم، على الرغم من تغير الاجيال.
لقد كانت ام كلثوم ظاهرة فريدة من نوعها في التأثير السياسي، وخاصة في زمن الراحل عبد الناصر، ولقد ارتبطت شعبيتهما ببعض، وخاصة حين قامت بدعم المجهود الحربي، بعد هزيمة ٦٧، ومحاولة عبد الناصر إعادة بناء الجيش المصري.
اما فيروز فقد كانت الصوت الرحباني الذي سعى من خلاله عاصي ومنصور الى بناء اسطورة الوطن اللبناني والقرية اللبنانية والتاريخ اللبناني كما تخيلوه. لقد تجاوز تأثيرهما، اي ام كلثوم وفيروز، مفهوم السياسة السطحية وتعقيداتها، وغاصوا في عمق السياسة الاجتماعية، التي تؤثر في صياغة الاوطان، وما زال تأثيرهما مستمر.
واذا راقبنا التاريخ، وعلى سبيل المثال، نجد ان شاعرًا مثل المتنبي، استطاع ان يخلد باشعاره شخصيات مختلفة د، سواء بمدحها، كما فعل مع سيف الدولة الحمداني، او بهجائها، كما فعل مع كافور الاخشيدي.
يجنح معظم الفنانيين الى الحرية والديمقراطية والسمو الاخلاقي، والمحبة والتعاطف مع الضعفاء والفقراء والمحرومين، والامثلة على ذلك كثيرة، ولكن هذا لم يمنع بعضهم ممن كتب ارق الأشعار ان يصدر تعليقات عنصرية بغيضة وكريهة، كالشاعر اللبناني سعيد عقل المعروف بمواقفه تجاه الفلسطينيين والسوريين وبعض اللبنانيين.
تعاملت الديانة المسيحية وخاصة مع عصر النهضة وما تبعها، بتفاهم مع الفنون على اشكالها، وبرزت الى الواجهة رسوم وتماثيل واغاني وموسيقى رائعة، استفادت منها الكنيسة في نشر دعوتها، واستفادت الفنون في تطورها. اما الاسلام فما زال موقفه ملتبساً من الفنون، ومازالت النقاشات تدور حول اهمية ودور الفنون، وان كان مفيدا وضروريا لما يشكل الهاءً للناس عن تأدية العبادات. وخاصة مع وجود الآية القرآنية في سورة الشعراء، التي تصف اتباعهم بالغاوين، وانهم اي الشعراء، في كل واد يهيمون ، ويقولون ما لا يفعلون .

زر الذهاب إلى الأعلى