من يشارك ومن ينكفىء … د . خالد جمال .
التاريخ يكتبه المنتصر ، وفي هذا الكلام معاني عميقة، ليس اولها بان من ينتصر بالحرب عليه ان يشارك بها اولا ، وليس اخرها بان المهزوم يفتقر الى الحق. لا يمكنك ان تحصد الغلال ، ان لم تحرث الارض ، وتضع البذور ثم ترعاها.
دار نقاش عميق وواسع في اوساط النخب الروسية ، عن مرحلة الحرب العالمية الاولى ،وكيف ان روسيا لم تجني اي من المكتسبات التي جناها المنتصرون ،اي بريطانيا وفرنسا ،وهي كانت من فريقهم ،قبل ان تنشب الثورة البلشفية ، ويقرر لينين الانسحاب من الحرب ، باعتبارها حربا امبريالية ،بين الدول المستعمرة للعالم .وهكذا خرجت روسيا خالية الوفاض من التقسيمات التي حدثت للعالم بعد ذلك، ومن ضمنها اتفاقية سايكس – بيكو ،لتقسيم الامبراطورية العثمانية . وهكذا استنتج المثقفون بان عدم مشاركة روسيا في الحرب ،ادى الى خسارتها الكثير من الامتيازات في اوروبا وفي العالم . وهو عكس ما حدث في الحرب العالمية الثانية ، حيث ادت المشاركة الواسعة والكبيرة للاتحاد السوفيتي وعلى جميع الجبهات ( اوروبا ، الشرق الاقصى) الى حصول الاتحاد السوفيتي (روسيا) على مناطق واسعة بالتأثير المباشر وبالنفوذ في كلا المنطقتين. وقد تم تقسيم العالم بين محورين منتصرين ،اي محور الاتحاد السوفيتي وحلف وارسو، ومحور الولايات المتحدة وحلف الناتو او الاطلسي.
لا تختلف الحرب التي تشنها اسرائيل حاليا ، عن الحروب التي خاضتها سابقا ،بمعنى انها حرب متعددة الجبهات ،ضد اكثر من عدو وخصم ، فسبق وقاتلت في ال٤٨ على الجبهات العربية كافة ،ولاحقا في ٦٧، قاتلت على جبهتي مصر وسوريا ،وبعدها في٧٣ ،قاتلت على نفس الجبهات ،فليس بالامر الجديد ان تخوض اسرائيل الحرب على عدة جبهات ،ولكن المختلف ،هو انها تقاتل بشكل مباشر وغير مباشر ميليشيات شبه نظامية ،من غزة الى لبنان وسوريا والعراق واليمن. فباستثناء غزو لبنان عام٨٢ ،لم تقاتل اسرائيل ميليشات مدربة ومجهزة وعلى قدر عال من الجهوزية. والمختلف ايضا ان خصمها او عدوها الحقيقي في هذه المعركة هو ايران ، التي تجمع تحت جناحيها كل المليشيات شبه النظامية وتقاتل بها اسرائيل ، بشكل مباشر كما في غزة وجنوب لبنان او غير مباشر كما في سوريا والعراق واليمن. وعليه اذا لم يحدث تغيير جذري في المعادلات،وغالبا هذا ما سيحدث ،فان المستفيد الاول من هذه الحروب ، سيكون ايران ، لأن من يشترك في الحرب ولا يهزم فهو من كل بد سيتشارك بالغنائم.