خاص : اطمئنوا المقاومة بخير … وهذا وعدها .
كتب المحرر السياسي في موقع ” التحري نيوز”
يتساءل المحبون اليوم عن حال المقاومة. كل قلوبهم وجوارحهم معها .. ينتظرون من يجيبهم ويبلسم آلامهم وجروحهم..ربما شعر بعضهم باليتم مع شهادة سيد المقاومة وهذا حقهم.. ربما أحسوا أنهم يقفون وحدهم بمواجهة العالم أجمع.. وأن الأعراب خذلوهم وتفرجوا بل وتآمروا عليهم كما تآمروا على غزة من قبلهم..وفي هذا لا يلومهم لائم.
لم يثنِ عدد الغارات ولو بلغ ما بلغ ولا حجمها المقاومة عن القيام بواجبها وعن نصرتها لغزة وفلسطين.. على مدى أيام متتالية تعرّضت الضاحية الجنوبية لبيروت لأبشع حملة تدمير ممنهجة استخدم فيها العدو أضخم آلات القتل والفتك التي ابتكرتها شياطين الغرب، ترافق ذلك كله مع حرب نفسية شرسة لتيئيس الناس وإحباطها وهدم معنوياتها وتأليبها على المقاومة، لكن كل ذلك لم يوهن المقاومة أو يفت عضدها.
تجاوز عدد الغارات التي شنها طيران العدو 10 آلاف غارة منها نحو ألفين طاولت الجنوب اللبناني في يوم واحد، وأعنفها كانت لاحقًا على الضاحية بصواريخ مدمرة حديثة، لكن كل ذلك لم ينل من عزيمة المقاومة التي تتوكل على الله وعلى حاضنتها الشعبية، فمهما جاهر العدو بعدوانه وبحرب الإبادة التي بدأها في غزة ويستكملها اليوم في لبنان لن يقدر أن يلوي ذراع المقاومة، هذا ما شهدناه على مدى 12 شهرًا في غزة، واليوم يتكرر المشهد في لبنان.
ليطمئن جميع المحبين والغيورين بأن استنساخ العدو لمشهد غزة لن يفضي إلا إلى هزيمته النكراء، وسيثبت الميدان والأيام أن المقاومة ستقول كلمتها الفصل، وأن كل عمليات الاستقواء على المدنيين من أطفال ونساء لن تمكنه من دفع المقاومة للتنازل قيد أنملة عمّا حددته من أهداف، ومهما بلغت كلفة وأثمان هذه الحرب الوحشية لن توقف المقاومة عن مساندة غزة، ولن تبعد المقاومة شبرًا عن حدود فلسطين المحتلة.
ولكل أولئك الذين يبحثون عن بريق أمل في غياهب دجى الحرب الحالكة على لبنان، اطمئنوا المقاومة بخير، وستنهض أقوى وأشد عودًا وعزيمة، ليس ذلك مجرد كلام ابتغاء رفع معنويات الناس وأهل المقاومة، بل هو حقيقة مستندة إلى دلائل ومعطيات وتجارب تاريخية دقيقة:
– أتذكرون يوم كان العدو يسرح ويمرح في أزقة بيروت وما بين دساكرها، يومها خرجت فئة قليلة لمواجهة جيش العدو الذي ذاع صيته أنه لا يقهر بعدما هزم العرب مرات ومرات، خرجوا قلة إلى خلدة، قارعوا جبروت الاحتلال ومن هناك كانت انطلاقة نواة المقاومة التي ما لبثت أن شكلت تشكيلات المقاومة، ومذ كان يقال لهم العين لا تقاوم المخرز.. ما تزحزحوا على مدى 43 عامًا خلت.. فإذا كانت تلك القلة القليلة واجهت العدو ودحرته عن بيروت ثم صيدا وصور ثم المنطقة المحتلة عام 2000 وظلت تشغل بال العدو أكثر من أربعين عامًا، فما بالكم اليوم وتعدادها يفوق الـ100 الف مقاتل.
– هل هي المرة الأولى التي يستشهد فيها الأمين العام للحزب؟ ألم يستشهد سابقًا أمينه العام السيد عباس الموسوي.. ماذا قال العدو آنذاك، ألم يفرح ويبتهج كما يفعل اليوم ويستعجل إعلان انتصاره؟ لكن ماذا حصل منذ ذلك الحين؟ تطوّرت المقاومة وعظمت حتى أصبحت قوة إقليمية ودولية يحسب لها العالم ألف حساب.
– إن المقاومة التي بناها الشهيد القائد السيد حسن نصر الله هي مؤسسة لها تشكيلاتها ووحداتها وهيكليتها وهرميتها القيادية التراتبية، وهي مؤسسة ولَّادة تنتج الكوادر والقادة ولا تقف على شخص أو أكثر ..هكذا جعلها الأمين العام، لأنه كان يعلم أنه يواجه عدواً غادراً، لذا أعد المقاومة لمواجهة أسوأ الظروف وأعقد السيناريوهات، بما فيها سيناريو اغتيال القادة ببداية أي حرب مستقبلية.
– أما انقطاع القيادة عن التواصل مع شعبها وجمهورها لعدة أيام قبل أن يخرج نائب الأمين العام سماحة الشيخ نعيم قاسم يرسم معالم المرحلة المقبلة، فلا شك ولا ريب أن لذلك ظروفه العملياتية والأمنية، فمن جهة لاستيعاب حجم الهجمة المعادية وصون القادة، ومن جهة لإعادة لملمة صفوف الأذرع المختلفة، تمهيدًا لانطلاقة متجددة نحو هزيمة العدو في أشرف وأنبل معركة على وجه الكرة الأرضية.
قد تخسر المقاومة بعضًا من قادتها، وقد تتعرض لضربات قاسية، فالحرب سجال، يوم لنا من عدونا ويوم لعدونا منا، لكنها في نهاية المطاف لم تخرج من أي معركة خاضتها على مدى 43 عاماً إلا منتصرة، مرفوعة الرأس لها الكلمة الأولى والأخيرة في الميدان، وهذا وعد الله، والله لا يخلف وعده.