رياضة

لماذا لم تتأهل إيطاليا إلى مونديال قطر؟

 

خبر كان يستحق في حين تصدر نشرة أخبار الثامنة مع موسيقى “الخبر العاجل” الشهيرة: إيطاليا لم تتأهل لكأس العالم، للمرة الثانية على التوالي.كيف، وهذه إيطاليا، بلد شغف وعشق كرة القدم. منبع المدربين العظام وأساتذة اللعبة؟ كيف، وهي حاملة اللقب الأغلى أربع مرات والمتوّجة على عرش أوروبا مؤخراً؟يومها، وما أن أطلق حكم المباراة صافرة نهاية مباراة مُلحق كأس العالم بين إيطاليا ومقدونيا الشمالية، مُعلناً فوز الأخيرة، حتى بدأ على الفور توجيه أصابع الاتهام في الاتجاهات كافة، وعَلَت علامات الاستفهام والتعجّب وجوه الجميع، من المسؤولين، إلى طاقم التدريب، إلى اللاعبين. وطُرح السؤال الأصعب: لماذا؟الأسباب المباشرة؟ ركلة الجزاء التي أضاعها جورجينيو أمام سويسرا في الدقيقة الأخيرة من المباراة مضيعاً على بلاده الفوز الثمين.أما الأسباب غير المباشرة، فعناوينها كثيرة، أولها وأهمّها، عناد المدير الفني روبرتو مانشيني وتشبثه برأيه على حساب أي شيء وكل شيء. وهذه ليست المرة الأولى لمدرّب إيطالي، يبدو وكأنها “صبغة” يحترفها الطليان ويتقنونها جيداً. فعلها قبله مارتشيلو ليبي بعدما فازت إيطاليا بكأس العالم عام 2006، وقبلهما إنزو بيرزوت بعد فوزه بكأس العالم عام 1982التصميم على اعتماد الأسلوب نفسه والتشكيلة نفسها واللاعبين أنفسهم، حتى ولو شاهد وتأكد بنفسه أن هناك مشكلة وخللاً في الأداء وفي اللاعب. أمر غير مفهوم وغير مبرّر لمانشيني.تمكّن مانشيني من إيجاد توليفة ممتازة في “مشوار” يورو 2020، مع “بعض الحظ”، وصل بمجموعة أسماء أغلبها متواضع ومغمور، لأفضل ما يمكن.بدأت المشكلة تظهر بعد إصابة أحد أهم عناصر هذه الكتيبة، لاعب روما الإيطالي ليوناردو سبيناتزولا، الذي كان صمّام أمان المنتخب الإيطالي. إصابة سبيناتزولا أحدثت فجوة في تلك التوليفة، ليس لأنه لاعب خارق، لكن لأنه كان قطعة “البازل” المكملة للوحة التي رسمها مانشيني.تلَت إصابة سبيناتزولا، إصابة اللاعب الذي يعتبر أهم موهبة إيطالية منذ أليساندرو دل بييرو، لاعب يوفنتوس الإيطالي فيديريكو كييزا، ابن اللاعب الإيطالي الكبير إنريكو كييزا، الذي أظهر مستوىً رائعاً في اليورو.وبدأت بعدها رحلة “الخيبة” التي تنافس خيبة ركلة جزاء روبرتو بادجو بعدما حلّقت ركلته الترجيحية في سماء الولايات المتحدة الأميركية في المباراة النهائية أمام البرازيل (1994) ، وخيبة عدم التأهل لكأس العالم 2018، بعد فترة سيئة مع المدرّب والتر ماتزاري.خيبة أسوأ لأنها أتت بعد نجاح غير متوقّع. خاصة وأن إيطاليا لم تكن مرشّحة للفوز في يورو 2020. الأمر الذي يقودنا لأحد الأسباب غير المباشرة لعدم تأهلها لكأس العالم في قطر، وهو أن إيطاليا تُخالف دائماً التوقعات. حين تكون المرشّح الأبرز، تفشل، وحين تكون غير مرشحة، تفاجئ الجميع وتفوز باللقب.المشكلة الإيطالية هذه ينبغي على الجميع التعاون على حلّها، بدءاً من الاتحاد، الذي عليه أن يتّخذ إجراءات صارمة بعدم السماح لرحيل المواهب الشابة والواعدة عن إيطاليا والدوري المحلي، وأن يُجبر المدرب على إعطاء الفرص للاعبين المحليين بدلاَ من الاعتماد على الأجانب.على المدرّبين “فهم” أن كرة القدم تتقدّم وأن عليهم مجاراة هذا التقدّم، مع الحفاظ على أسلوب الكرة الإيطالية وتاريخها. على المدرّبين أن يعرفوا أيضاً أن الجميع سبقهم ويسبقهم، وإن لم يقوموا بالتغيير الجذري لبعض المفاهيم العقيمة التي أثبتت فشلها وانتهاء زمنها منذ فترة، فكل ما سيتبقى للطليان وجمهورهم هو البكاء على الأطلال.عشاق “الأتزوري” يعرفون هذا الأمر جيداً، ويعرفون أنهم يعشقون منتخباً صعباً، يحترف الكرة الصعبة.. لكن كل ما يعرفونه الآن، أنهم يشاهدون كأس عالم آخر يخلو من الشغف، كأس عالم آخر يخلو من نشيد “إخوة إيطاليا”.

زر الذهاب إلى الأعلى