خاص التحري نيوز

خاص : ما هي قصة العباءة السعودية.. ؟.

كتب المحرر السياسي في موقع ” التحري نيوز”

مضى أكثر من أسبوع على لقاء معراب الفاشل؛ وما تزال كواليس ما جرى تتكشّف تباعًا، قبله وبعده.. فاللقاء الذي لم يكن على قدر توقعات رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع وآماله، فقد أراد له جعجع أن يكون لقاءً وطنيًا جامعًا لأخذ البيعة منه وتزعّم صفوف المعارضة، فكان له خلاف ما أراد..
لقد بدا اللقاء باهتًا وفاشلًا، سواء من حيث وزن الحضور أم مضمون بيانه الختامي..، هنا تحطمت أحلام جعجع عند أعتاب قصره..لكن أكثر ما أزعج “الحكيم” كان غياب المكوّن السّني من قوى وشخصيات دُعيت فقاطعت، ما نزع عن لقاء معراب الصبغة الوطنية..
كان جعجع يعرف مسبقًا أن النواب المحسوبين على بيت الوسط لن يحضروا اللقاء، لأنهم لم يغفروا له طعناته بالرئيس سعد الحريري، لكنه كان يراهن على تعويض ذلك بحضور الرئيس فؤاد السنيورة ومن يدور في فلكه، مثل النائب بلال الحشيمي والنائب السابق مصطفى علوش وسواهما.. وهنا كانت صدمة جعجع حينما قاطع هؤلاء أيضًا اللقاء، ما عبّر عن امتعاض شامل من جعجع داخل الطائفة السّنية، لكن ما هي خلفيات هذه المقاطعة؟!
تقول المعلومات إن خلفية مقاطعة الرئيس السنيورة وفريقه للقاء معراب، تعود إلى شعور السنيورة أن جعجع تفرّد بمسار اللقاء الذي كان في الأساس من بنات أفكاره، وجرى التحضير له عبر لجنة من الفريقين على مدى أربعة أشهر. اتفقت فيه على الخطوط العريضة والبيان الختامي، ليفاجئ السنيورة بذهاب جعجع محدّدًا زمان اللقاء ومكانه في معراب من دون تنسيق مسبق معه، بعدما كان الاتفاق على عقده في العاصمة بيروت.
أما المفاجأة الثانية للسنيورة، بحسب ما سرّب موقع بقاعي، فكانت في مسودّة البيان الختامي التي لم تشبه ما أتُفق عليه في اللجنة التحضيرية، إن لجهة عدم تطرقها إلى إتفاق الطائف أو مقاربة ملف النازحين السوريين بعقلانية بعيدًا عن العنصرية، ولا حتى لجهة الطريقة التي تناولت بها القرار 1701 من جهة واحدة، وكأن المطلوب التزام الجانب اللبناني فقط دون الجانب “الإسرائيلي”.
تقول المعلومات الصحفية المتداولة أن الرئيس السنيورة لجأ، على خلفية ذلك، إلى تحضير ملاحظاته وكلّف النائب البقاعي بلال الحشيمي لمناقشتها مع رئيس حزب “القوات” بهدف إعادة التأكيد على ما أُتفق عليه. وبالفعل حدد لقاء الحشيمي مع جعجع عشيّة لقاء معراب، يوم الجمعة في 26 نيسان الساعة السادسة والنصف مساءً، ليفاجأ النائب البقاعي بينما كان يهمّ بالدخول الى مقر جعجع في معراب بإبلاغه بإلغاء الموعد قبل ربع ساعة من حلوله. وهو ما رأه الرئيس السنيورة رسالة سلبية من جعجع، فردّ عليها مع الفريق المحسوب عليه بمقاطعة اللقاء، كما تواصل السنيورة مع النائب أشرف ريفي الذي وعده بالمقاطعة، لكنّ الأخير نكث وعده لكنه فاجأه بالحضور إلى معراب.
هذه القطيعة الشاملة من ممثلي الطائفة السّنية أثارت حفيظة جعجع، والذي تجاهل أنه المسؤول عن فشل اللقاء، فلجأ الى ذرّ الرماد في العيون، فسارع فور انتهائه بتوجيه رسائل امتعاض علنية وسرية، ووصل به الأمر إلى “الحرد” من حلفائه المحليين وحتى الإقليميين، وتحميلهم مسؤولية إفشال اللقاء – ردّ بعضهم علنًا مثل النائب السابق فارس سعيد- بعدما رواده شعور بأنّ الرياض بدأت تدريجيًا تسحب البساط من تحته وتأخذ منه مسافة، لا سيما بعد انفتاحها على التيار الوطني الحرّ، ثم عدم إيعازها للنواب السّنة بالمشاركة في لقاء معراب.
أكثر من أسبوع مضى على لقاء معراب، وما تزال كواليس ما جرى تتكشّف، فالاتصالات قبل اللقاء وبعده لم تهدأ..، ورسائل الامتعاض “القواتية” المتطايرة باتجاهات عدة تشظّت منها المملكة العربية السعودية، ما دفع سفيرها في بيروت وليد البخاري للمسارعة فورًا الى التحرك، وعقد سلسلة لقاءات معلنة وغير معلنة مع عدد من الشخصيات السّنية، كان أهمها زيارة البخاري للرئيس فؤاد السنيورة بعد يوم واحد من لقاء معراب. وفي ذلك إشارة واضحة الى أن خلفيات مقاطعة النواب السّنة للقاء معراب، طغت على الزيارة وربما كانت الطبق الرئيسي على مائدة البحث بين البخاري والسنيورة.
لم يكد السفير البخاري ينتهي من لقاء السنيورة حتى طلب موعدًا من معراب للقاء الحكيم. وذلك بعدما بلغته أجواء تخبط جعجع جراء مقاطعة النواب السّنة للقاء، فقرر زيارته في محاولة لتعويضه الغياب السّني عن لقاء معراب، ولو بخطوات رمزية وشكلية، عبر إطالة أمد اللقاء لساعة ونصف، أو من خلال جلسة تصوير خاصة تعكس “حميمية” الاجتماع بين جعجع والبخاري، من الاستقبال الحار عند مدخل قصر معراب، ومن ثم داخل ردهات القصر، وفي أثناء المصافحة وقوفًا، وفي أثناء التباحث جلوسًا مع تبادل الابتسامات، وخلال تسليم السفير البخاري للحكيم هدية عباءة سعودية ذهبية مطرّزة مطابقة للعباءة التي كان يرتديها خلال اللقاء، وكأنّ جعجع تعمدّ القول إنه الوكيل الحصري للسعودية في لبنان، وسفيرها الفعلي وهو من يمثلها سياسيًا..
لم يندرج حراك البخاري، في الأيام الأخيرة، إلا في سياق استجابة غب الطلب لجعجع وتعويمه ولو رمزيًا عمّا أصابه بعدما أظهره لقاء معراب معزولًا عن الساحات الأخرى. أما الدليل على ذلك فبرز في حجم التباهي “القواتي” بالعباءة السعودية، وتلطّيهم خلفها لتوهين المقاطعة السّنية المحلية للقاء معراب، عبر تصوير العباءة هديةً من الزعامة السّنيّة العربيّة، وأنها تأكيد على أهمية العلاقة مع جعجع، والاحتضان والدعم المقدّم له، مع التوعد “بمفاجأة أخرى على صعيد العلاقة بين السعوديّة وجعجع”..
كلّ ذلك لا يعدو كونه محاولة واضحة من الحكيم للقول لمقاطعي لقاء معراب من شخصيات سنيّة: “الأمر لي”..، لكن كلّ ذلك لن يلقى بالطبع صدى في الساحة السّنية؛ لأن المسألة أعمق وأبعد من مجرد “إرتداء جعجع عباءة سعودية”.

زر الذهاب إلى الأعلى