خاص التحري نيوزسياسة

قائد الجيش من طرابلس.. “اللهم اني قد بلغت”..  عمر ابراهيم     .

 

بدا واضحا أن الزيارة التي قام بها قائد الجيش اللبناني العماد جوزف عون الى طرابلس والتقى فيها مرجعياتها الدينية السنية والعلوية والمسيحية تتجاوز في ابعادها الزيارات الروتينية الى ما هو مرتبط بالوضع السياسي والامني والمعيشي في مدينة يخشى دائما امام اي استحقاق من محاولات استغلال اوضاعها المزرية بهدف تنفيذ مخططات مشبوهة لغايات سياسية خصوصا في هذا الوقت الذي تستعد فيه البلاد لإجراء  انتخابات نيابية .

قد يذهب البعض الى اعتبار أن هكذا زيارات اعتاد قائد الجيش على القيام بها، فالرجل ليس بعيدا عن مشاكل وهموم المواطنين وهو يحاول الدمج دائما بين عمله الأمني والعسكري وبين مساعدة المواطنين من خلال مشاريع اغاثية انخرطت فيها المؤسسة العسكرية وباتت تتولى مهام توزيع مساعدات غذائية وتقديم خدمات لتعويض عجز الدولة، انطلاقا من قناعة لدى القيمين بأن الأمن لا يتحقق فقط بالنار والحديد ويجب أن يكون متلازما مع تحقيق ولو الحد الأدنى من الأمن الاجتماعي, وهو المفقود في معظم البلاد وتحديدا طرابلس التي تصنف على انها أفقر مدينة على ساحل البحر المتوسط .

صحيح ان قائد الجيش بات حاضرا بقوة في المشهد العام في البلاد، لا سيما بعد ” ثورة” 17 تشرين ،  وصحيح أيضا أنه يعمل على خطين أمني واجتماعي ويحظى بثقة شريحة كبيرة من اللبنانيين غير المحازبين او المسيسين، لكن هذه الزيارة جاءت بتوقيت لافت تعيش فيه طرابلس على وقع تنامي ظاهرة الخروقات الامنية وعودة الحديث عن الارهاب المتمثل بعمليات تجنيد مقاتلين من قبل ” داعش” وإرسالهم الى العراق، وبث الخوف لدى عموم اللبنانيين من هذه المدينة فكانت أولى رسائل العماد عون زيارتها والتنقل بين شوارعها بسياراته من باب تحدي كل المشككين بقدرة المؤسسة العسكرية على ضبط الأمن ولبعث رسائل بأن المدينة آمنة ومن غير المسموح إعادة عقارب الساعة فيها الى الوراء.

الزيارة التي استمرت لساعات خصصت فقط لرجال دين بعد أن تم استثناء قيادات ومرجعيات سياسية داخل المدينة التي تضم رئيس حكومة ووزير داخلية ونواب، وربما تحمل هذه الخطوة أيضا عدة رسائل اهمها تعبير المؤسسة عن امتعاضها من غياب اي  دور فاعل لتلك القوى السياسة في المساعدة بمعالجة ما تواجهه طرابلس من أزمات، والوقوف الى جانب الجيش الذي بات وحيدا داخل طرابلس بعد أن هجرتها قياداتها وتركتها تواجه مصيرها، وما الكلام الذي صرح به قائد الجيش داخل دار الفتوى الا خير دليل على سعيه الى البحث عن شركاء فاعلين داخل المدينة لمساعدة الجيش في مهامه ، حيث وضع رجال الدين امام مسؤولياتهم في التصدي لمحاولة استغلال شباب المدينة من قبل مجموعات ” ارهابية” ومحاربة المخدرات ومساعدة المواطنين في هذه الظروف المعيشية والاقتصادية الصعبة.

قائد الجيش الذي غمز من قناة السياسيين في البلاد بتحميلهم مسؤولية ما الت الامور، خاطب بهذا الكلام الشارع الطرابلسي على وجه الخصوص ” الكافر” بالدولة والسياسيين والباحث عن من يمد له يد العون في هذه المرحلة ويحمي مدينته من اية مشاريع مشبوهة، ما تزال محفورة في اذهان ابناء المدينة الذين كانوا عاشوا الويلات خلال جولات العنف بين التبانة وجبل محسن والتي لا يخفى على احد انها كانت بإشراف ومباركة سياسيين، فهل تقف المؤسسات الدينية الى جانب الجيش في مسعاه ؟ وهل تحرك زيارته السياسيين في المدينة للعب الدور المطلوب منهم قبل فوات الاوان؟، ام يبقى الجيش وحيدا لمواجهة ما يحاك ضد المدينة وأهلها؟.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »