خاص التحري نيوز

حراك الجامعات الأميركية … د . خالد جمال .

اميركا ليست أوروبا، ولم يملك شبابها تلك الحساسية تجاه القضايا الانسانية، وخاصة اذا كانت القضايا تخص العرب والمسلمين. الأوروبيون يملكون تاريخاً من العلاقات مع العرب والمسلمين يمتد لأكثر من آلاف السنين، فعلى طرفي البحر المتوسط تم الغزو المتبادل من كلا الجانبين، فتم احتلال شبه الجزيرة الايبرية وما خلفها لمئات السنين، وكذلك تم التوغل في أوروبا من قبل العثمانيين. وعلى الجهة المقابلة كانت الحروب الصليبية التي احتلت سواحل المتوسط الشرقية لمئات السنيين. وبعدها في العهود الاستعمارية خضعت الكثير من الدول العربية والاسلامية لحكم الاوروبيين المستعمرين. اما الأميركيون فتواجدهم في المنطقة واحتكاكهم بأبنائها حديث نسبياً، بعد الحرب العالمية الثانية، ولولا دعمهم لاسرائيل، لكانت الكثير من العلاقات مضت بأقل قدر ممكن من الحساسية، لان الدستور الأميركي وطبيعة الأميركيين لا تدفع الى العنف تجاه المسلمين وليس هناك موجبات تاريخية.
كيف ننظر الى التحرك الحالي في الجامعات الأميركية دعماً للفسطينيين ودفاعاً عن غزة ؟ هل يمكن مقارنته بالحراك الطلابي بسبب الحقوق المدنية او بسبب حرب فيتنام؟
أرى أن هذا الحرك اهم والسبب الرئيسي في ذلك، هو ان الحركات الطلابية السابقة كانت تمس قضايا تخص الأميركيين مباشرة، جنودًا ومدافعين عن القضايا الاجتماعية، اما في الوقت الحالي فهي قضية انسانية بحتة، تخص وجهة نظر مخالفة للسياسة الأميركية الخارجية وتمس حقوق الانسان. وهم حين يفعلون ذلك يتجاوزون ثلاثة عقد كبيرة كانت تسم السياسات الغربية تجاه المنطقة. أولها فكرة معاداة السامية، التي تحولت الى ابتزاز فكري وسياسي ومادي لكل من حاول إظهار الخلاف او العداء مع اسرائيل. وثانيها الاسلامفوبيا، التي وصمت بداية القرن الى الآن بعد احداث الحادي عشر من سبتمبر . وثالثهما العداء للعرب، الذي عملت الداوئر الإسرائيلية وبعض الدوائر الغربية، استناداً الى التاريخ، والى بعض الاحتكاكات الحديثة الى النفخ فيه، ووشم العربي بالارهاب والوحشية.
أخيراً نلفت الانتباه الى ان هذا الحراك قد يتطور ليؤثر على الانتخابات الرئاسية القادمة، وقد يكون محدوداً وبلا أفق، ولكن على الأكيد يعيد الثقة بالإنسانية وشبابها بعد ان كدنا نفقدهما.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »