خاص التحري نيوز

كلكم كذّابونَ ما عدا الشهداء … رائد الخطيب

كلكم كذّابونَ ما عدا الشهداء

ما دام مجرمٌ واحد، خارجَ أسوار السجن، ورقبتهُ خارج حبل المشنقة، فلا معنى لاحيائكم الذكرى الأولى والثانية، لا معنى لاحتفاليات الكلام، مَنْ أخذَ أرواح شهدائنا علينا أن نأخذَ روحه، المعاملة بالمثل، والنديّةُ والتوازن هو ما يرعب عصابةَ الإجرام، والمرتزقة…وكل مأجورٍ وكل جبّارٍ عنيد.

احياءُ الذكرى،

لم يرد زوجاً شهيداً لزوجته، ولا بنتاً شهيدةً لعائلتها ورفاقها، ولا أباً شهيداً لعائلته، ولا ولداً إلى أهلعِ وأخوتهِ، ولا زميلاً شهيداً لزملائه، احياءُ الذكرى بالاقتصاص، هذا ما يعيد للشهداء وجودهم، وهذا ما يعيدُ للحياة صدقها: ولكم في القصاص حياةٌ يا أولي الألباب.

٤ آب،

اليوم ٤ آب من ٤ آب ٢٠٢٠ حتى اليوم كل يوم هو ٤ آب، عقارب الساعة لن تعودَ كما كانت، بقيت الاهراءات مكانها أو استشهدت هي الأخرى، استشهادها المتدرّج اليوم، ما هو إلّا تعبير إضافيّ عن السقوط اللا ـ أخلاقيّ والمعنوي لسلطة ندفع يومياً ثمن فسادها من تعبنا النفسي والمادي والمعنوي والانساني والاجتماعي.

سنتان مرّتا، والألم يسيطر على النفوس، أهالي الضحايا الشهداء، أولُ الذين يحملون الألم، وما تبقى من شرفاء هذا الوطن الجريح ثانياً، وطنٌ تتفكّك أوصاله بسبب زمرة الفاسدين والمتسلّطين الحاكمين زمام أمور السلطة.

في المرفأ 218 شخصاً ارتقوا،

من لبنان، سوريا، مصر، وإثيوبيا، بنغلاديش، الفلبين، باكستان، فلسطين، هولندا، كندا، ألمانيا، فرنسا، أستراليا والولايات المتحدة، وربما من جنسيات لم نسمع بها.

في المرفأ جُرحَ 7 آلاف منهم 150 أصبحوا معوّقين، أمّا الأذى النفسي فهو لا يحمل العد ويعجز الشعراء والبلغاء عن وصفهِ، 77 ألف شقة تصررت، أكثر من 300 ألف شخص هجروا. ثلاثة أطفال أعمارهم بين عامَيْن و15 عاماً توفوا،  80 ألف طفل بدون منازل، 163 مدرسة رسمية وخاصة على الأقل تضررت، ونصف مراكز بيروت الصحية خرجت من الخدمة، و56% من المؤسسات التجارية الخاصة في بيروت تعطّلت، ثم نحيي ذكرى القبول بكل ما صنعت يدُ الاجرام: قفوهم إنّهم مسؤولون.

انفجارٌ

تسببَ بخسائر مادية تُقدّر بـ 3.8 إلى 4.6 مليارات، بدمار أنتج 800 ألف طن من الردم، يختلط بدمِ الشهداء أولاً وبموادِ الإجرام الكيميائية، التي ما تزال تهدد سلامتنا وصحتنا، ثم نحيي الذكرى، بدلاً من تعليق المشانق!!

هل يضمّدُ احياءُ الذكرى،

جراحَ أهالي الضحايا ويقفلُ أبواب حزنهم المفتوح، جراح لا يمكن أن تضمّد الى الأبد، حتى لو ظهرت الحقيقة، وإن قال القضاء كلمته، فهل سيقتنع الاهالي بمضمون الحكم ومصداقيته، أمام كل هذا التسويف والمماطلة، فالتعطيل يخلق الشبهات والشبهات تقتل الثقة !

هل سنصدق العدالة بعدما اصبح العدل مهزلة، والقضاء ألعوبة بين أيدي الساسة فالزلزال لم يصب بيروت فقط بين الوطن والدولة والمؤسسات ونسف مفهوم الاستقلالية والنزاهة، بل أصاب القضاء الذي حاولَ إماطة اللثام عن المجرمين، التفجير أراد تعطيل القضاء وشلّه وتفجيره، لا يعني تعطيل المسار القضائي المتعلّق بالانفجار، سوى الخزيُ والعار بعد عامين من القتل العمد.

احياء الذكرى لا معنى له،

اذا لم يُعِد للناس ثقتهم بالقضاء، استعاد المصداقية لمؤسسات الدولة اللبنانية، وضمان احترام سيادة القانون وإرساء مبادئ المساءلة وانهاء ظاهرة التفلت من العقاب، هذا التفلت المدعوم من أهل السياسة والحكم وقوى الأمر الواقع، الواقع هو من يحكم.

كلكم كذّابونَ ما عدا الشهداء،

الشهداء يبقونَ أحياءً في قلوبكم، لا معنى لدعوات المشاركة باحياء الذكرى في الساحات وقرب مسرح الجريمة، ولو جئتم بالملايين، الإحياء لا يعني الا الحياة، والحياة لا تعني سوى سوقُ الكبير والصغير إلى قوسِ العدالة، إلى المشانقِ في الساحات، وغير ذلك نوعٌ من الثرثرات فوق أرواح شهدائنا الأبرار….وثورة ورقية وخطابية ترقى إلى قنبلة صوتية في الفراغِ المقيم.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »