خاص التحري نيوز

خاص : هكذا افشل مخطط “القوات” في ذكرى الحرب الأهلية.

 

كتب المحرر السياسي في موقع ” التحري نيوز”

يجهد أمراء الحرب الأهلية في 13 نيسان عام 1975 على إدخال اللبنانيين في بوسطة عين الرمانة من جديد، بدل أن يقلوهم في حافلة الوطن الفسيح الشامخ الجامع، لا تزال تلك الأيام الخوالي تدغدغ أحلام ممتهني استثمار الزواريب، واللعب على تناقضات أحيائها، يوم كانت ميليشياتهم تحكم بسلاحها غير الشرعي لبنان وتتحكم به، وتتخذ قرار الحرب عن اللبنانيين وعليهم، يوم كان أقزام الوطن وقطاع طرقه، يتسيّدون على أزقتهم، ويقطّعون أرجاء لبنان بين شرقية وغربية، ويتصيّدون الآخرين على حاجز البربارة على الهوية، ويفصّلون حدود الوطن على مقاساتهم الطائفية والمذهبية، يوم كان هؤلاء يخططون لإقامة مطار خاص بهم في جبيل بشعار “حالات حتمًا”، ويوم اغتالوا الهامات الوطنية الكبيرة التي تقف حائلاً بوجه مشاريعهم التقسيمية وعلى رأسهم رئيس الحكومة السابق رشيد كرامي، ويوم استوردوا بواخر النفايات السامة أو أو ما سمي بـ”البراميل الزرق” من ايطاليا ودفنوها في جرود شنعنير في كسروان، وسيطروا على مرفأ بيروت، وحركة مرور السفن فيه فارضين آتاوات عليها ذهبت لجيوب قياديي ميليشياتهم.
اليوم يعاود هؤلاء الكرة من جديد، يطلّون من أبراج معرابهم العاجية ويستحضرون ويستنسخون مشاهد زمن الحرب الأهلية، تلك الصفحة التي لطالما تمنى اللبنانيون أن تنسى وتحذف من سجل تاريخهم الأسود، لأنهم لا يريدون أن يتذكروا سوى الصفحات البيضاء المشرقة والمنيرة التي توحدوا فيها فخرجوا أقوى وواجهوا بقلب واحد محتلهم وأخرجوه من أراضيهم ودافعوا عن بلادهم بقوة وتماسك وصلابة.
لا يريد اللبنانيون ويلفظون من يخرجهم من رحاب الوطن الشاسع الغني بتنوع طوائفه وثقافات أبنائه المتعددة الى المتاريس وخطوط التماس والى إمارات حدود تُدق كالإسافين الشارخة بينهم..، لم تعد ينطلي عليهم ألاعيب المتهورين، الذين يمتطون سرج الدولة لتحقيق مآربهم التقسيمية والفدرالية، فينقلبون على حلفائهم الأقربين، كما فعلوا بالرئيس سعد الحريري يوم غدروا به وغيبوه عن الساحة السياسية ليحلوا مكانه بزعامة ساحة المعارضة وقيادة أهل السنة لتغطية مشاريعه الفتنوية التآمرية.
ليس ذلك بغريب على سمير جعجع الذي إنقلب سابقًا على حليفه ايلي حبيقة منتصف ثمانينات القرن الماضي بعد انقلابهما معًا على قائد “القوات” آنذاك فؤاد أبو ناضر، أن يواصل اليوم اللعبة ذاتها بإقصاء “القواتيين” والاستثمار السياسي بدمهم، تمامًا كما يجري هذه الأيام من توظيف سياسي واعلامي لحادثة اختفاء المسؤول “القواتي” باسكال سليمان في جبيل في اتجاهات محددة، تهدف الى عزل المسيحيين عن محيطهم وقوقعتهم في كانتون منفصل، وهو ما تندرج في سياقه سلسلة الاحداث التي تشهدها المناطق الفاصلة بين المسيحيين والمسلمين، بين عين الرمانة والشياح، بين رميش وجوارها، بين عين ابل وعيتا الشعب، بين القليعة وجوارها، بين اهالي لاسا في جبيل وجوارها.. فما فعلته “القوات اللبنانية” في جبيل أظهر أن ثمة نوايا مبيتة، لشق صف اللبنانيين، سيما أن جعجع الذي تذرع بالظرف الأمني لعدم زيارة الحريري يوم أتى قبل شهرين الى لبنان لاحياء ذكرى اغتيال والده الرئيس رفيق في 14 شباط، لم يجد حرجًا أو ظرفًا أمنيًا يحول بينه وبين النزول الى الشارع، للاستماع الى هتاف عناصر ميليشياته وهم يطالبونه بفتح حرب أهلية مرددين:”يا حكيم لا تعبوس بدك قوات بنلبس”، في حين كان آخرين يقفلون الطريق أمام العائدين الى منازلهم في الشمال عشية عيد الفطر السعيد، ليذكرهم بمآثر القوات على “حاجز البربارة” الشهير.
لا يؤمن “القواتيون” بالدولة والقانون والقضاء المستقل، فهم المحققون وهم القضاة والمتهم عندهم واحد دومًا، هؤلاء لا يدخل العيش المشترك والشراكة الوطنية في قاموسهم، يصرون دومًا على إشاعة كل ما يبث التفرقة بين اللبنانيين ويهدم وحدتهم، فيصوبون على كل ما يجمع، ويقطعون دابر الحوار والتلاقي وتناقح الافكار.. هم انعزاليون يصفقون لكل شقاق وخلاف ويراهنون عليه.. صدى أصواتهم يتردد على ألسنة “خزمتشية” هنا وهناك ممن ينفخون في بوق الفتنة، مستغلين كل حادث جنائي او فردي يحصل في مناطقهم ليخرجوه عن سياقه الطبيعي ويطبلون له ويزمرون علمًا أن هكذا حوادث يحصل اسبوعيا ما يشابهها في مناطق اخرى ولا نسمع كل هذا الطنين والضجيج..
في المحصلة، في 13 نيسان ذكرى الحرب الاهلية يجمع اللبنانيون اليوم أنهم لا يريدون تكرار تلك التجارب المأساوية ويسعون لتفادي كأسها المرة دومًا وإن حاول البعض إتخاذ قرارها عنهم وجرهم اليها مرارًا وتكرارًا.. هم يعلمون أن الجميع خاسر في هكذا حرب، لذا يريدون بنادقهم موحدة ومصوّبة ليس الى صدور اللبنانيين بل باتجاه عدو لبنان لتحريره.. يريدونها حربًا تحريرية وليس حربًا أهلية عاشوها عام 1975 فيما هم يرددون اليوم وكل يوم “تنذكر وما تنعاد”.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »