خاص التحري نيوز

خاص : إيران تعيد أهل غزة بطريقتها … مسيرات وصواريخ .



كتب المحرر السياسي في موقع ” التحري نيوز”

لم يمرّ العيد على أبناء غزة هذا العام، لم يزوروا مقابر شهدائهم، فأنّى لهم أن يفرشوها بالورود وآلة القتل الوحشية تحاصرهم وتضّيق الخناق عليهم، منتزعة البهجة منهم.. لم يلهُ أطفالهم بألعاب العيد، هم رحلوا عن الأزقة التي باتت أطلالاً ودمارًا .. رحل الكثير منهم، إما نازحًا وإما شهيدًا، ودماؤهم في رقاب المتقاعسين المتخاذلين عن نصرة المقاومين الأبطال الشرفاء..
مئة وتسعون يومًا مضت على بدء العدوان الوحشي على غزة، شاهد فيها العالم صراخ الأطفال تحت الركام، وعويل النساء الثكالى، ومجازر يُندى لها جبين البشرية، ولم يساند مقاومتهم إلا قلة من أحرار الأمة في لبنان وسوريا واليمن والعراق، حتى كان الفرج ليلة الرابع عشر من نيسان..
يومها؛ فقط انقلبت الآية، وانشرحت صدور الغزاويين، وهم يشاهدون المستوطنين يهرولون خائفين الى ملاجئهم تحت الأرض، فيما هم اعتلوا سطوح الأبنية تغمرهم الفرحة، وعيونهم مع أطفالهم ترقب سماء غزة بسعادة وأمل ليتابعوا وجهة الصواريخ الإيرانية نحو أهدافها، يومها فقط قرّت عيون الغزاويين وناموا هانئين بغياب الزنانات وهدير الطائرات وأصوات الانفجارات. 
لم تكن تلك هي بداية الغيث الإيراني؛ وبالتأكيد لن تكون النهاية، فمواقف إيران الداعمة للقضية الفلسطينية لم تبدأ في تلك اللحظة، ولا في السابع من أكتوبر/تشرين الأول… هي مواقف ولدت من رحم الثورة الإسلامية في إيران، وتجسدت بخطوات عملية، من إقامة سفارة فلسطين في طهران إلى الدعم غير المحدود لفلسطين بالمال والسلاح والتدريب والخبرات على مدى 45 عامًا على مختلف الأصعدة.
منذ الانطلاقة؛ وقفت إيران مع مستضعفي غزة ونصرتهم، وأمدتهم بالصواريخ وبكل التجهيزات العسكرية الكفيلة ببناء قوتهم، ما أسهم بتحقق عملية “طوفان الأقصى” ونجاحها وبإلحاق الهزيمة الساحقة الماحقة بالعدو “الإسرائيلي”، لنشهد لأول مرة محطتين مفصليتين في تاريخ الصراع الوجودي مع “إسرائيل”، لا يفصلها سوى 6 أشهر، حتى تبيّن هشاشة جيش الاحتلال وكيانه الغاصب؛ بشكل لا غبار عليه.
إذ لم يقتصر الدعم الإيراني لغزة وأبنائها على البعد العسكري خلال العدوان “الإسرائيلي” عليها؛ بل أطلقت طهران دبلوماسيتها وفعّلتها في زيارات متتالية لوزير خارجيتها حسين أمير عبد اللّهيان الى المنطقة، في محاولات مكثّفة لإيقاف الاعتداءات “الإسرائيلية” على غزة وإدانة همجية الاحتلال ومجازره. كما لم تترك إيران منبرًا دبلوماسيًا ودوليًا إلا وأثارت فيه قضية غزة، ودعت إلى ضرورة الضغط على حكومة بنيامين نتنياهو لوقف الاعتداءات على القطاع.    
وعلى طريق القدس؛ قدمت إيران خيرة قادتها شهداء بدءًا من الشهيد القائد قاسم سليماني الذي زار غزة عدة مرات قبل استشهاده، وأسهم في إعداد الخطة الدفاعية التي جرى التخطيط لها وكان صاحب فكرة أنفاقها، مرورًا باستشهاد عدد كبير من المستشارين الذين عملوا معه في مجال دعم المقاومة في فلسطين.. وطوال ستة أشهر؛ لم يمر شهر إلّا وسجل اعتداءات “إسرائيلية” على سوريا، سقط فيها جنرالات ومستشارون إيرانيون شهداء، كان آخرهم الشهيد القائد محمد رضا زاهدي ورفاقه الستة الذين استشهدوا خلال العدوان على القنصلية الإيرانية في دمشق مطلع الشهر الجاري، وتطول قائمة الشهداء لتضمّ: رضي موسوي ومحمد علي عطايي شورجه وبناه تقي زاده (كانون أول 2023)، اللواء يوسف أميد زاده وخمسة من رفاقه (كانون الثاني)، سعيد علي دادي(شباط)، رضا زارعي وبهروز واحدي (أذار).
مع أن الدماء أغلى ما يمكن تقديمه لنصرة غزة وأهلها، لم تكتفِ إيران بذلك؛ بل سخرت طاقاتها وإمكاناتها اللوجسيتية كلها، وسعت بكل ثقلها لتضميد جراح الغزاويين ومواجهة محاولات تجويعهم عبر توفير المساعدات الإنسانية وإقامة مطابخ ميدانية في رفح لتأمين وجبات يومية لأكثر من 200 ألف فلسطيني إلى جانب توفير الخبز ومياه الشرب لهم، ومدّهم بكل ما امتلكت وطالته أيديها بالرغم من الحصار الخانق من بعض “دول الطوق” -القديمة – وما تتسبّب به من عوائق في إيصال المساعدات..!!

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »