خاص التحري نيوز

خاص : الكلّ تضامن مع غزة إلّا هؤلاء؟.

كتب المحرر السياسي في موقع ” التحري نيوز” .

بعد معركة “طوفان الأقصى”، في السابع من تشرين الأول /أكتوبر، وما تبعها من هجوم إسرائيلي بربري على قطاع غزة المُحاصر، عادت القضية الفلسطينية الى واجهة العالمين الإسلامي والغربي مجدّدًا، لتتصدر اهتمام العديد من الشعوب عبر تضامنها ودعمها للشعب الفلسطيني الأعزل بكلّ الوسائل الممكنة.
هذا التضامن أخذ أشكالًا عدّة، تمثّل بالمظاهرات والمَسيرات في الشوارع وأمام السفارات والمقار الحكومية، وفي خطاب الفاعليات الدينية والسياسية، وكذلك في الدعم اللوجستي والإنساني والدبلوماسي، وأيضًا في الدعم العسكري.
العالم
الحرب المدمرة التي شنّها قادة الكيان الصهيوني على غزة، لاقت صدىً عالميًا مدويًّا، لما ارتكب فيها العدو الإسرائيلي من جرائم فظيعة ومجازر مَهولة يُندى لها الجبين بحق الأطفال والنساء. مراكز إيواء النازحين والمستشفيات دُمرت وأُحرقت بمن فيها، المجاعة والأمراض اجتاحت القطاع. أمام هذا الواقع المرير تحركت العديد من المنظمات الدولية والإقليمية، وعلى رأسها مجلس الأمن ومنظمة الصحة العالمية ومحكمة العدل الدولية، محاولة وضع حدّ لأعظم مأساة شهدها التاريخ منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وخلال اجتماعات هذه المنظمات تَكشّف أكثر للعالم الوجه الحقيقي للصهاينة المجرمين القتلى.
العالم العربي
الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي؛ بدورهما اِجتمعا مرات عدة، ودعيا إلى وقف العدوان الهمجي على غزة والرفع الفوري للحصار المفروض عليها. جامعة الأزهر كثّفت كذلك حراكها في الاتجاه ذاته، إذ دعا إمامها الشيخ أحمد الطيب “حكومات الدول العربية والإسلامية مرارًا إلى المسارعة لمد يد العون للفلسطينيين”، واصفًا “جيش الاحتلال بالإرهابي الذي تجرد من كل معاني الأخلاق والإنسانية”. في حين جدّد مفتي سلطنة عُمان الشيخ أحمد الخليلي الإشادة بداعمي القضية الفلسطينية، ولحقه عدد كبير من رجال الدين في غالبية الدول الإسلامية.
مدن عربية وإسلامية شهدت مظاهرات ومَسيرات حاشدة احتجاجًا على استمرار العدوان، أكبر مظاهرات العالم العربي كانت في اليمن حيث يخرج مئات الآلاف من المتظاهرين من حركة أنصار الله (الحوثيين) بمَسيرات جماهيرية بشكل متواصل في المحافظات والعاصمة صنعاء. كما تدخّلت الحركة عسكريًا وساندت أهل غزة، وأطلقت الصواريخ والمُسيّرات باتجاه الأراضي الفلسطينية المحتلة، واعترضت في البحر الأحمر السفن المتجهة لدعم الصهاينة. وفي لبنان شهدت عدة مناطق تظاهرات وساندت مقاومته غزة عسكريًا، وأما في العراق خرج آلاف المتظاهرين في مسيرات حاشدة بالعاصمة بغداد وغالبية المحافظات رفضًا للإبادة الجماعية في غزة، كما استهدف عدد من فصائل المقاومة فيه مواقع ومستعمرات ومدن الاحتلال بالصواريخ والمُسيّرات.
منطقة المغرب العربي؛ شهدت أيضًا احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين ونددت بجرائم الاحتلال، كانت أكبرها في الجزائر إذ خرج المواطنون بأكثر من خمسين ولاية في مسيرة وصفت بالمليونية، ووجهت عدة أحزاب سياسية ومنظمات نداء لنصرة فلسطين. وفي تونس جابت التظاهرات مدنها، وطالبت المجتمع الدولي بفتح المعابر وإدخال المساعدات إلى أهالي القطاع الذين يتعرضون للتجويع والقتل. وفي المغرب خرج الآلاف كذلك في مسيرات في مدن الرباط وطنجة وتازة والدار البيضاء طالبوا بوقف التعامل والتطبيع مع “إسرائيل”. وحتى مصر التي حرّمت التظاهر منذ 2012، أعطت السلطات الضوء الأخضر لتنظيم بعض التجمعات الصغيرة المؤيدة للفلسطينيين، لكن تحت شروط صارمة وفي أماكن معينة. وعلى المقلب الآخر وفي منطقة الخليج عمّت التظاهرات الشعبية أيضًا في الكويت والبحرين وسلطنة عُمان، تأييدًا لغزة.
في سوريا نزل الاتحاد العام للفلاحين إلى الساحات في وقفات تضامنية في محافظات: الحسكة، الرقة، السويداء، حمص، القنيطرة، طرطوس، دير الزور واللاذقية. وفي الأردن تظاهر الآلاف في العاصمة عمّان وباقي محافظات الشمال والجنوب في مدن الكرك، العقبة، الزرقاء، إربد، الطفيلة، طالبوا بقطع العلاقات مع “إسرائيل” وإلغاء معاهدة “السلام”.
العالم الاسلامي
الدول الإسلامية لم تغب أيضًا عن المشهد الإجرامي لقوات الاحتلال في قطاع غزة، وكانت إيران الداعم الأكبر لأهالي القطاع المحاصرين، وأخذ دعمها أشكالًا متعددة، بدءًا بالتظاهرات والدعم اللوجستي (إيصال مساعدات غذائية) والحراك الدبلوماسي، وحتى العسكري. في تركيا جابت المظاهرات مدينة إسطنبول وولايات قونية وديار بكر وماردين وباطمان وإلازيغ مساندة للغزاويين العزل. ونُظّمت في ماليزيا أيضًا مظاهرات بالعاصمة كوالالمبور. وأما في باكستان، شهدت العاصمة إسلام آباد مظاهرتين دعمًا لقطاع غزة.
من غاب؟
لم يغب عن العالم الإسلامي ما جرى في غزة، إلا عن الجماعات السلفية المتطرفة والتنظيمات التكفيرية والإرهابية، ومع أن هذه الحركات رفعت شعار محاربة الكفر والاستكبار ونصرة المظلومين من أهل السُّنة، إلّا أنها لم تهُبّ لنصرة أهل غزة..!! وما لم يكن متوقعًا وفي الوقت الذي كثفت فيه “إسرائيل” من استهدافها لنقاط الجيش السوري وفصائل المقاومة في سوريا، وذلك ردًا على مساندة محور المقاومة لحركة حماس في غزة، وفي أثناء قصف الطيران الحربي الإسرائيلي لعدد من هذه النقاط بالقرب من مطار حلب الدولي، شنّت مجموعات تابعة لجبهة تحرير الشام “النصرة سابقًا” هجومًا مباغتًا على منطقة المطار، وتبعته بهجوم آخر بالمُسيّرات على أهالي مدينة حلب.
هكذا، أعادت معركة “طوفان الأقصى” القضية الفلسطينية الى واجهة الأحداث العالمية مرة أخرى بعد أن أبعدتها العديد من الأحداث الدولية وخذلان غالبية الأنظمة العربية والإسلامية والغربية لها. كما شكّلت مفاجأة مدويّة على المستويين الرسمي والشعبي، فالمظاهرات التي عمّت غالبية دول العالم كانت الشاهد الأكبر على احتضان الشعوب لهذه القضية. وكشفت عن وجه “إسرائيل” المجرم الذي انتهك الأعراف والمواثيق الدولية كلها في ظل دعم أميركي وغربي كبيرين، حيث كانت الكارثة الإنسانية التي ألمّت بقطاع غزة الملمح الأبرز لها.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »