خاص التحري نيوز

صفعة “القوات”في نقابة المهندسين هو إقصاء للإنعزاليين وانتصار للشراكة الوطنية.




كتب المحرر السياسي في موقع ” التحري نيوز” .


تكسّرت “القوات اللبنانية” على أعتاب نقابتي المهندسين في بيروت والشمال.. مهندسو لبنان وجّهوا لها ولليمين الانعزالي في انتخاباتهم النقابية، يوم أمس، صفعة قاصمة ومدوّية.. ففي ذكرى الحرب الأهلية، اختاروا الشراكة على العنتريات والخطابات العنصرية..، وانتخبوا الوحدة الوطنية بمواجهة الفدرالية والتقسيم، نابذين كل شعارات الطائفية والمذهبية، فكان حصادهم على قدر الأوطان وبنائها، وليس على قياس الزورايب وميليشياتها التي يحاول بعضهم إدخال لبنان فيها من جديد.
بالأمس؛ قالت نخبة المهن الحرة كلمتها الفصل، إذ فصّل المهندسون- جريًا على عادتهم- نموذجًا بنّاءً للبنان، فصلوا فيه بين عصري فتن الميليشيات والحروب الأهلية والطائفية وعصر المقاومة والتحرير والبناء والإعمار، وقطعوا الخيط الرفيع المتبقي بين ماضيهم الأسود الذي يحلم الانعزاليون بعودته حاضرًا، وبين مستقبل بلدهم الزاهر الذي يحلم المهندسون بتوريثه لأبنائهم..
أمس؛ كانت نقابتا المهندسين ساحة لمعركة حامية الوطيس، لطالما شهدت السنوات الماضية معارك مماثلة لها، لكنها هذا العام تميزت عن سابقاتها، في ظل الظروف وما سبقها من إثارة نعرات الشارع وتحريض على الشريك الآخر، وما رافق ذلك من استغلال جريمة خلفياتها جنائية في جبيل، لتعميم سلوك الفوضى والنفخ في بوق الفتنة، والعراضات الميلشياوية وقطع الطرقات والفقاعات الإعلامية والاستهداف غير الإنساني للنازحين السوريين، بهدف واحد ألا وهو تظهير “القوات اللبنانية” و”الكتائب”- ومن يلفّ لفّهم- أنهم باتوا الرقم الصعب والأول الذي يقرر على الساحة المسيحية، وأن أغلبية المسيحيين باتت تحت جناحهم، جاهزة لزجها في زنازين الانقسام البغيض عن باقي النسيج اللبناني.
رياح المهندسين أتت، يوم أمس، بخلاف ما تشتهي سفن الانعزاليين.. انتخابات النقابة الأكبر في لبنان حسمت الجدل وأظهرت بالأرقام غير القابلة للشك وجهة لبنان ومسارها، وأن نخبه اختاروا لبنان الـ10452 كلم وطنًا نهائيًا لأبنائه بخريطته الكاملة من دون أي انتقاص من سيادته، وانتخبوا وحدة شعبه ومؤسساته، مانعين أي أحد من خطف البلد باتجاهات عقيمة، ذاق المهندسون أنفسهم ذرعها خلال السنوات السابقة، يوم كانت تلك النقابة مرتعًا للانعزاليين والتقسيميين ومشاريعهم التآمرية على البلد.
أما في تحليل نتائج وأرقام انتخابات نقابتي المهندسين أمس؛ فهو يبيّن ممّا لا شك فيه، أن من لا يمدّ يده للآخر، ومن لا يتقبّل هذا الآخر، ويخاطبه بعبارات “ما بتشبهونا” و”لبناننا آتٍ” ويقطع معه سبل التلاقي والحوار وتناقح الأفكار، سيجد نفسه ف نهاية المطاف معزولاً..
هذا ما حصل، في الأمس، مع إقصاء حزبي “القوات” و”الكتائب”، تحديدًا بعدما أظهرت النتائج في بيروت فوز لائحة حزب الله والتيار الوطني الحر وحركة أمل وجمعية المشاريع الإسلامية، بالمقاعد النقابية كاملها، بما فيها موقع النقيب – كان من نصيب “فادي حنا” وهو من الرعيل القديم في التيار الوطني الحر وتربطه صداقة متينة بالأمين العام لتيار “المستقبل” أحمد الحريري- وذلك بفارق كبير بلغ نحو 500 صوت، وكذلك فوز المهندس “شوقي فتفت” المستقلّ والمدعوم من التيار الوطني الحر وتياري العزم والكرامة، بـ 1707 أصوات في انتخابات مهندسي شمال لبنان.
هذا يعني في المحصلة؛ فوز الشراكة الوطنية بأطيافها المتعددة وانتصارها في نقابتي المهندسين على الخطاب الانعزالي، والذي يريد أن ينتصر على اللبنانيين أنفسهم. كما يعني أيضًا أن المهندسين الذين يعوّل عليهم لإعادة بناء لبنان، رفضوا إلباسهم بدلة “القوات” الزيتية الضيقة زمن الحرب، لأنهم لا يؤمنون إلا ببدلة الجيش اللبناني المرقطة التي توفر لهم السلم الأهلي وتضمن عيشهم المشترك ..، فهم لا يؤمنون بأحزاب ميليشياوية تجاربها مريرة على لبنان، ولم تتعلّم، ولم تبدّل خطابها أو أداءها، وتواصل السير في الطريق نفسه الذي لم يجرّ إلا الويلات والمآسي على اللبنانيين عمومًا، والمسيحيين خصوصًا.
في الأمس؛ قال المهندسون للانعزاليين، بالفم الملآن في انتخابات نقابتي المهندسين في بيروت والشمال: “قوات” و”كتائب” على مين.. على اللبنانيين؟!.. وغدًا، سيتكرّر المشهد بكل تأكيد في الانتخابات المهنية القادمة، أطباء، صيادلة، أطباء أسنان..، لأنّ نخب لبنان، هي الطاقات الإبداعية التي ترسم لوحة الوطن بعيدًا عن التقوقع والإنزواء القاتل.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »