خاص التحري نيوز

طرابلس المنكوبة تكرر مسرحية “يوليوس قيصر” في ١ آب “يمق” لزملائه في المجلس البلدي: حتى أنتَ يا بروتوس؟!

رائد الخطيب

الأول من آب المقبل، يتجدد بشكلٍ أو بآخر، الصراع المحتدم في مجلس بلدية طرابلس، مسافةُ أيام وتخوض أفقر المدن معاركها في محاولة لنزع الثقة عن الرئيس الدكتور رياض يمق بطلب من ١٢ عضو معارض من أصل ٢٠.

لا شيء يقول إنّ الأمور ذاهبة الى جناتِ النعيم، فيما لو حصلت جلسة الثقة، بواسطة “مذكرات الجلب”، حيث قام محافظ الشمال القاضي رامز نهرا، بناءً لطلب وزير الداخلية القاضي بسام مولوي وطلب الأعضاء بدعوة لجلسة لديه في سراي طرابلس الحكومية في الأول من آب المقبل.

جاءت دعوة المحافظ الذي لا يحظى بودٍ كبير، بطريقة غير لائقة، هي أقربُ إلى مذكرات جلب تصدرُ بحق عتاة المجرمين والخارجين عن القانون، حيث اتصل بالأعضاء مؤهل من مخفر الدرك في التل، قسم من الأعضاء تبلغ ذلك، لكنّ أعضاءً آخرين رفضوا أن يتبلغوا بهذه الطريقة البوليسية، باعتبارها سابقة خطيرة تهدفُ بمعنى من المعاني إلى إذلال البلدية ورئيسها، ولا تعبر الا عن انتقاص لأعضاء المجلس البلدي المنتخبين بعشرات آلاف الأصوات.

الصراع مع رئيس البلدية رياض يمق ليس بريئاً، برأيي الطرابلسيين، الذين يعلمون أنّ “الود والكيمياء” مفقودة بين نهرا ويمق منذ وصول الأخير إلى الرئاسة في أعقاب انقلاب شارك فيه يمق على الرئيس أحمد قمر الدين، كما أن ثمّة خلفية سياسية للموضوع، لأن طرح الثقة غير قانوني وذلك برأي عدد من القضاة ومنهم القاضي إيلي معلوف في مجلس شورى الدولة.

تقترب فصول مسرحية بلدية طرابلس، منذ أكثر من عقد من الزمن، من مسرحية وليام شكسبير “يوليوس قيصر”، فالطعنات التي تلقاها الرؤساء من زملائهم منذ عقد ونيّف، والتي غالباً ما تمر بنفق تآمري سياسي، بجملة يوليوس قيصر،

حين خانه كل من وثق بهم يوما واجتمعوا واتفقوا جميعاً على قتله، فانهال الكل عليه بالطعنات، وجاءت طعنة الموت المؤكد من صديقه بروتوس، قيصر لم يتأخر في لحظات احتضار الموت والدم النازف، من النظر إلى وجه صديقه وخاطبه “حتى أنت بروتوس؟!”، بالتأكيد هذه الجملة قالها الرئيسان الأسبقان، احمد قمر الدين ونادر الغزال…وبالطبع سيقولها يمق، اذا حُشِدتْ الجموع لخلعه أو بتعبير ألطف “سحب الثقة” منه.

حاليًا المرشحين الأبرزين هما الدكتور خالد تدمري، والذي للتوضيح وقع على الورقة شريطة أن يوقع الأعضاء له على ورقة أخرى تُفضي بانتخابه رئيسًا للبلدية وذلك هو نوع من المقايضة.

أما المرشح الثاني فهو الرئيس المهندس أحمد قمر الدين لردّ اعتباره و”رد الثار”، ويعتبر بأن قسم من الأعضاء الذين مضوا مع خالد تدمري وعدوه من تحت الطاولة أن يصوتوا له، وهناك قسم من الأعضاء ضائع بين الاسمين. وهناك المهندس نور الأيوبي والذي يشكل رأس حربة في موضوع طرح الثقة وبتقديم الشكاوى وبمحاربة يمق وتطييره.

بالإضافة لوجود أسماء تنحّت عن الترشح منها الدكتور باسم بخاش، ورياض الولي، والدكتور صفوح يكن.

لماذا لم يتدخل السياسيون؟: إنهم متآمرون

يعتبر الرئيس الحالي للمجلس البلدي رياض يمق، أنّ موضوع طرح الثقة غير قانوني، وبطريقة غير مباشرة يحمل يمق وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي، ما آلت إليه الأمور في الآونة الأخيرة، ومن رهن قراره للهوى السياسي الذي يحاصرهُ، فيما لا يستبعد أن يكونَ قرار مولوي نفسه مرهونٌ لأحد سياسي طرابلس، ويسألُ معاتباً ومستفهماً “لماذا لم يزرني الآن أحد من السياسيين، بل يتركون الأمور ولا يتدخلون”.

وبمثابة مرافعة أمام الرأي العام “زارني عدد من السفراء وموظفي الأمم وقلت لهم إن كان هناك شيء ضدي فليظهروه للعلن ومستعد للاستقالة”.

ويقول “نحن لا نزال على موقفنا يا معالي الوزير أنت ابن البلد لكنك اتهمتنا وحولتنا للنيابة العامة المالية. نتمنى أن تكشف الأمور وتقوم بمحاكمة علنية”. يضيف “الوزير بالأساس هو قاض والرجوع عن الخطأ فضيلة”.

ومثلَ من يطالبُ بفكٍّ الحصار، وفي محاولةٍ أخيرة للمكاشفةِ والاتهام لزملائه، يرفع يمق عقيرة عتبهِ “يا أعضاء مجلس البلدية، أنتم تتهموننا زورًا وبُهتانًا وبعضكم يعرقل كل المشاريع، وقمتم بتعطيل جلسات المجلس من شهر ولا تأخذون أي قرارات، وعضو مجلس المدينة المحب لها لا يعطل قراراتها ليعمل على إزاحة الرئيس ليجلس مكانه”.

يقول يمق متواضعاً أمام العاصفة “إذا كان الرئيس يقف بوجههم ليمنع مخالفاتهم شيء وإذا كان مهمِلًا فهذا وضع آخر ولا يجوز رمي التُهَم، نحن عملنا معروف منذ كنا أعضاء مجلس بلدي من عام ١٩٩٢، ولم أرضَ إلا أن أكون عضوًا فاعلًا إن بلجان الشكاوي، والرياضة أو حتى اللجنة الطبية.

والجميع يعلم أنني أوقفت عملي دورة كاملة لأن الرئيس في ذلك الوقت كان يريد تمرير مخالفات وهذا أمر بات معروفًا وحينها جاءت لجنة وكشفت المخالفات وتزوير بالدورة.

لا يجوز لهم الحكم علينا وتنفيذه قبل أن يصدر”.

يتنصلُ يمق من رهنِ قراره للسياسيين، ويرسم واقع الوضع البلدي في مدينةٍ صنفتها أرفع المؤسسات الدولية بالفقيرة، قبل حدوث الأزمة المالية قبل ٣ سنوات من اليوم، ويقول “لم أرتهن لأحد من السياسيين وكان عملي واضح وشفاف، وبالنسبة للموظفين لدي فهناك نقص كبير في الشرطة، ونصفهم يقومون بأعمال إدارية عددهم ٩٥ من بينهم أكثر من ٤٠ بين عجزة وإقامة أمور إدارية مثل عزام الزيلع ، نواف العلي رئيس المصلحة الإدارية، أبو جهاد ورشة الطوارئ، خضر علاقات عامة، وللأسف مجلس الخدمة الوطنية أوقف التوظيف والسلك”.

“لا غبار عليك”، هذا ما أخبرني به وكلائي القانونيونَ الذين يتولون الدفاع ضد الملفات والافتراءات التي أصدرتها وزارة الداخلية، والملفات أنت أردت تحويلها للنيابة العامة المالية لأنهم افتروا عليك وخصوصًا نور الأيوبي”، يختم يمق مرافعته الدفاعية.

الجهة الاتهامية: لماذا يخاف يمق اذا كان طاهراً؟

لا يتوانَ عضو المجلس البلدي البارز نور الأيوبي، الذي يقود فريق المعارضة داخل المجلس، من ابرازِ الأسباب الموجبة لمحاكمة الرئيس يمق، والتي لا تحمل أي طابع “شخصي”، “الكتب التي حضرتها أنا هي تحقيق للعدالة ومكافحة الفساد وليس ضد يمق ونقطة عالسطر”.

يقول الأيوبي “الموضوع له كذا بعد بعد قانوني والذي يقول إنه وحسب قانون نظام البلديات وقانون التمديد الذي مدد سنة للمجلس، مدة المجلس البلدي ست سنوات وعند انتهائها ينتهي انتخاب الرئيس ونائبه لأنه يتم من قبل أعضاء المجلس البلدي فهم بحكم مجلس النواب، فالقرار يعود إذا للمجلس البلدي إما أن يعود ويعطي الثقة للرئيس ذاته أو أن ينتخب رئيسًا جديدًا وهذا كان مطلبنا الأول أي إدخال دم جديد إلى العمل البلدي لعل وعسى أن نخرج من الواقع الأليم الذي نعيشه، لا شيء لدينا ضد الرئيس “يمق” وهو يقول دائمًا أنه وضع في هذا الموقع نتيجة طلب الأعضاء لذلك فليدعَهُم يقررون ما إذا كانوا سيمنحونه الثقة أو سيختارون أحدًا جديدًا”.

ويضيف “لا شك الموضوع شائك بعدما صدر كتاب من وزير الداخلية بإحالة الرئيس اليمق إلى ديوان المحاسبة والنيابة العامة المالية التي لا علاقة لها بانتخاب الرئيس أو تجديد الثقة إذا تمّ”.

يضع الأيوبي موضوع طرح الثقة ب”يمق” خارج حلبة الصراع السياسي “الموضوع ليس سياسيًا وقد تواصلت مع مسؤول في وزارة الداخلية وأظهر أن موضوع الإحالة للنيابة العامة والمالية هو موضوع روتيني ومستقل”.

الأيوبي يرفض بشدة الاتهامات التي تقول بأنه ينفذ أجندة سياسية “هذا الاتهام يحزنني جدًا، ونور أيوبي هو أيوبي لا يقبل بأن يمشي وراء سياسي”.

نعم للتدخل السياسي الإصلاحي فقط

بطريقة أقرب إلى التحليل المنطقي، يرى عضو المجلس البلدي الدكتور باسم بخاش، أنه لا يجب ربط موضوع ‏طرح الثقة بالرئيس ‏بالشكاوى الموجهة ضده، هنالك قسم ‏من الأعضاء قدم شكوى ضد الرئيس بعدة ملفات وقسم ‏منهم تحول إلى النيابة المالية العامة ‏وهذا الموضوع جارٍ في القضاء ويقومون باستجواب رئيس وياض يمق ‏وننتظر النتائج ولكن ذلك سيأخذ وقتًا.

وفي مسارٍ ثانٍ، قسم من الزملاء أرسل للمحافظ ولوزير الداخلية أمر طرح الثقة بالرئيس، حيث أنّ المدة الرئاسية هي ست سنواتٍ وعندما انتهت تم التمديد لكل البلديات مدة سنة إضافية، وبالعرف يجب أن يتم التمديد بما هو عليه أي أن يبقى الرئيس ونائبه ذاتهما، وعندما تقدم سبعة أعضاء بطلب لوزير الداخلية بطرح الثقة من جديد قام المحافظ بإرسال نص لرئيس البلدية بناءً لطلب وزير الداخلية ليتم عقد جلسة مجلس بلدي وطرح موضوع طرح الثقة فإذا كانت الاغلبية تريدك كان الأمر، ‏لكن الرئيس لم يرد على هذا الطلب، واعتبره بأنه غير قانوني، مستندًا إلى أنه قد تم التمديد لجميع البلديات دون طرح الثقة.

ويضيف بخاش، بما أن الرئيس لم يدعُ لذلك الاجتماع، والمحافظ انتظر مدة شهرٍ، فطلب منهم أن يعودوا ليوقعوا الورقة وتم توقيعها ب ١٢ عضو مجلس بلدية من أصل عشرين، لكن العدد الكلي هو ٢٤ ثلاثة استقالوا، وواحد توفاه الله.

يشير بخاش إلى أن الجو في المجلس البلدي منقسم متشرذم والبلدية مفلسة بسبب وجود أموالها في مصرف لبنان، والمعاشات لاتكفي، وبالتالي اذا أقلنا رياض وأتينا برئيس جديد ينقسم حوله الأعضاء فذلك لا ينفع فنحن بحاجة لرئيس يجتمع حوله الأعضاء ويلم شملهم بسبب وجود قلة ثقة وشرخ كبير بين الأعضاء.

ويرى بخاش، أن الوحيد القادر على لعب هذا الدور هو النائب اللواء أشرف ريفي لأن الشيخ سعد الحريري مبتعد عن الساحة، والرئيس نجيب مقاتي منشغل بموضوع رئاسة الحكومة وإلا فأنا مع تسليم المجلس للقائمقام إيمان الرافعي.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »