الغريب … د . خالد جمال .

الغريب هو المختلف ،قد يكون مختلفا في الشكل او اللون ،او في العقيدة والفكر ،او التصرفات الاجتماعية .المهم انه يحدث تنافرا في السائد ،قد يكون مفيدا كطعم السكر في الماء وقد يكون معكرا لصفائها كالوحل.
والغريب قد يكون من الداخل ،اي مهاجر لظروف اقتصادية او اجتماعية او سياسية ،داخل البلد الواحد ،وقد يكون ولنفس الاسباب قادما من بلد اخر او حتى بين القارات ،ولكنه ومنذ اللحظة الاولى لقدومه يحدث خللا في السائد واضطرابا في انسجامه ،واختلافا في تفاعله.
في كلمة الغريب ،ثلاث احرف مشتركة ،وهي الغين والراء والباء ،اي غرب ،ولا اعلم ان كان في ذلك دلالة على تاريخ العلاقة مع الغرب وسيطرته على الشرق ،مع ان الهجرة الحديثة معظمها اليه اي الغرب.وربما وجب ان نتذكر كلمة غراب او كلمة غربال مع ما تحمله من ايحاء.
والغريب قد يكون مهاجرا شرعيا ،كما يفعل معظم اللبنانيون لاسباب مختلفة ،وقد يكون مهاجرا غير شرعي يركب وسيلة النقل ويرمي نفسه ،في اي ارض تتيح له اختلافا في الظروف التي يهرب منها.
المهم هو الاستخدام السياسي لمفهوم الغريب ،وهو ما يحدث حاليا في كل انحاء الارض وفي بلادنا ايضا.فالمتنفذين في السياسة في اوروبا ،استيقظت عندهم كل شياطين العنصرية والتعصب ،بعد موجات الهجرة القسرية العابرة للبحر المتوسط.وبدأت الاحزاب اليمنية تسيطر على السلطة او تقترب منها ،لأن الناخب الاوروبي قد نسى كل مفاهيم الانسانية التي تطورت لديه بعد الحرب العالمية الثانية،وما عاد يذكر الا وجه الافريقي وهو يجول في الاسواق يبيع الالعاب ،او وجه السوري الذي افتتح محل شورما عند ناصية الشارع.والاستخدام السياسي للغريب ليس حديثا ،فلقد عاني المهاجرون للاضطهاد على مر التاريخ ،وتم القاء اللوم عليهم في كل المصائب التي تلحق باليلاد ،واليهود قد عانوا كما غيرهم من التمييز والعنصرية وخاصة منذ استيلاء الاوروبيين على الاندلس ،وانتهاءا بالعقيذة النازية مع هتلر .وفي بلادنا التي يدور فيها حوار حامي الوطيس حول موضوع الغريب السوري،كان هناك تعصب وانعزال وخاصة في فترة الحرب الاهلية ،حيث كان العديد من الحيطان تزينها شعارات ،اعرف عدوك ،السوري عدوك.
ومن الامثال الشهيرة حول الغربة والغريب ،القول المأثور (الفقر في الو طن غربة )وكأن الاوطان هي فقط للاثرياء يتمتعون بنعمها.ومن الاقوال المأثورة ايضا (ساكن الدنيا غريب)وهي غربة الروح التي تنتمي الى ملاذها الاخير.اما انا فافضل المثل الذي يقول (ما غريب الا الشيطان)