مجتمع

لقاء تفاعلي مع الدكتور  علوش حول الحرب على غزة والاخلاقيات الإعلامية



بحضور تربوي وطلابي ونخب إجتماعية نظمت ثانوية الابداع العلمية في مركزها  بمحافظة عكار “وادي الجاموس” لقاءً تفاعلياً تحت عنوان: الحرب على غزة والاخلاقيات الاعلامية بين المهنية والتضليل،قدم له مسؤول الانشطة الاستاذ حامد زكريا وحاضر فيه الصحافي الدكتور زياد علوش.
الدكتور علوش شكر إدارة الثانوية على تنظيم اللقاء واختيارها الموضوع الاكثر اهمية في الظرف الحالي وقال أنا على ثقة بأن مدرسة تعنى بثقافة طلابها على هذا النحو لهي جديرة بالاحترام والتقدير.
وقال:عند الحديث عن اخلاقيات الاعلام لم اجد تفسيراً ومرجعاً اكثر دقة وتعبيراً وشمولاً من الاية الكريمة السادسة في سورة الحجرات والتي تقو:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ) (الحجرات-6).
وأضاف نتحدث عن أخلاقيات الإعلام: لأهمية هذا المفهوم بأبعاده المهنية والأخلاقية والقانونية والاجتماعية، بأنه لا بد من دور للمبادئ الأخلاقية المهنية في إنتاج قصص خبرية مُتَحَرِّرة من الضغوط السياسية والأيديولوجية بهدف ايجاد ممارسة إعلامية مهنية سليمة وجديرة بالتصديق.
والمبادئ الأخلاقية التي تحكم سلوك الصحفيين والمؤسسات الإعلامية، تكاد تكون متماثلة حول العالم، وتعني التوازن في تقديم وعرض المحتوى بما يكفل الحق للرأي والرأي الاخر.
وفي مجال الإعلام والاتصال، أكد أن أخلاقيات الإعلام تهتم بالصحيح والخطأ، الجيد والرديء، الفعل الأفضل والأسوأ الذي يتخذه العاملون في حقل الصحافة والإعلام؛ إذ لا يمكن أن تكون الصحافة نفسها أخلاقية أو لا أخلاقية؛ بل الممارسون للعمل الإعلامي هم الذين يمكنهم أن يكونوا كذلك، وهذا يعني أن الاهتمام ينصبُّ على المعايير المهنية وأنماط الأفعال التي يتخذها العاملون في مجال الإعلام. وبذلك تُحقق المبادئ الأخلاقية غرضين أساسيين، أولًا: إيجاد نوع من البوصلة الأخلاقية التي تشير إلى مدى الانحراف عن المسار المطلوب والمرغوب في إنتاج قصص صحفية مُتحرِّرة من الضغوط السياسية والتجارية وغير التجارية، وعدم النشر بدافع المحاباة أو طمعًا بالمال، وأن يتم نشر القصص وفقًا للاستقصاء الحر وتبعًا لأهميتها بذاتها. ثانيًا: توفر المبادئ الأخلاقية دليلًا هاديًا عمليًّا لإنتاج صحافة آمنة وسليمة وجديرة بالتصديق، والتعامل النزيه والابتعاد عن صراع المصالح والمحاور وتضارب الأجندات السياسية.
وتتضمن هذه المبادئ: التزامات ومسؤوليات مهنية، أخلاقية، وقانونية، واجتماعية. وتتحدد الالتزامات والمسؤوليات المهنية في أسلوب أداء الممارسة الإعلامية وكل ما يرتبط بجودة المنتوج الإعلامي والمعايير التحريرية، أما المسؤوليات الأخلاقية فتشمل مراعاة الجانب الأخلاقي في الممارسة الإعلامية ويدخل في ذلك النزاهة، أو العمل لمصلحة شخصية، أو منفعة ذاتية. وتتعلق المسؤوليات القانونية بالالتزامات التي يفرضها القانون على الصحافيين ويعاقبهم في حالة مخالفتها، وترتبط الالتزامات الاجتماعية بالمسؤوليات التي يقبل الصحفي طواعية الالتزام بها لإحساسه بمسؤوليته الاجتماعية
واضاف وإِنْ كان البعض يميز بين القاعدة الأخلاقية والقاعدة القانونية، حيث أن القوانين أحكام للحياة والسلوك يتم فرضها بواسطة قوة خارجية ويستخدم القانون وسائل للعقوبات، أما الأخلاقيات فإنها أحكام للحياة والسلوك تفرضها على نفسك، أو تفرض عليك مهنتك أن تُلزم بها نفسك، لذلك فهي فلسفة داخلية تُحدِّد ما هو صحيح ومقبول وأساسها هو تصميمك أن تكون عادلًا ودقيقًا وتلتزم بالحقيقة وبالسلوك المسؤول
وعلى الرغم من هذه الحدود الواضحة بين القانون والأخلاقيات، فإنه لا يمكن الفصل بينهما في الواقع؛ ذلك أن الأخلاقيات تأتي من مصادر متعددة دينية وثقافية واجتماعية، لكن تطبيقها والالتزام بها ينبع من مدى اقتناع الإنسان بها وولائه للثقافة التي أنتجتها، أما النصوص القانونية فتفرضها سلطة خارجية. لذلك يتكامل المجالان؛ إذ تحقق الأخلاقيات ما لا يستطيع القانون أن يحققه، ومن ثم فالاستفادة المتبادلة عمليًّا ومنهجيًّا ودورًا ووظيفة بين القانون والأخلاقيات ضرورة
واشار الى ان وسائل الإعلام الغربية تلقّت الأخبار القادمة من الشرق الأوسط يوم السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023 بانفعال غير مسبوق؛ إذ لم تكن في المجمل جزءًا محايدًا من التغطية الإعلامية في الأيام الأولى من عملية “طوفان الأقصى” التي نفذتها حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، بل كانت تتسق مع الرواية الإسرائيلية التي ردّدها مسؤولون غربيون؛ لذا جاء سلوكها في هذه المرة صادمًا وخارجًا عن معايير الصحافة الإخبارية المهنية والأخلاقية على نحو لافت، على الرغم من وجود تاريخ طويل لها من الانحياز إلى السردية الإسرائيلية.
وأن تغطية الإعلام الغربي لهذه الحرب قدم سلوكًا إعلاميًا جديدًا خاص به يسمى “إعلام عصر ما بعد الحقيقة”، وهو المفهوم الذي دُشّن في الأدبيات السياسية والإعلامية منذ عام 2016؛ أي العام ذاته الذي وُصف بـ “عام الأكاذيب”، حيث تقود الأكاذيب والانفعالات والمعتقدات العنصرية الاتجاه السائد في الإعلام الغربي، بعيدًا عن الحقائق والوقائع

وتحدث علوش عن اربعة سياقات اساسية ركز عليها الاعلام الغربي:
بداية اعلنت اسرائيل هدفين لعدوانها على غزة سحق المقاومة واعادة الاسرى ولكنها اضمرت هدفها الاساسي انها تريد ابادة غزة وتهجير الضفة وتغيير معالم القدس وهذا استلزم :
1- اسقاط جديد للارهاب
2- نزع الصفة الانسانية عن الفلسطينيين
3- الدفاع عن النفس
4- نزع السياق
وعلى الجانب المهني،وجد أن ثمة انتقادات كبرى، شنها قطاع كبير من الخبراء في مجال الإعلام لأداء الصحف والمنصات، حيث ذكرت صحيفة “واشنطن بوست” أن  أكثر من 750 صحفيا من عشرات وسائل الإعلام وقعوا خطابا مفتوحا ، يدين قتل إسرائيل للصحفيين فى غزة وينتقد التغطية الإعلامية الغربية للحرب، معتبرين أن صالات الأخبار في المنصات الكبرى، تعد مسؤولة عن اللغة غير الإنسانية التي يتبناها الإعلام تجاه العدوان على قطاع غزة، لتبرير الجرائم التي ترتكبها قوات الاحتلال.
وبالنسبة لمواقع “السوشيال ميديا”، أبرزها منصة “فيس بوك”، وجد انها حذفت أكثر من 795 ألف منشور داعم للقضية الفلسطينية باللغتين العربية والعبرية وصفتها بأنها مزعجة أو غير قانونية، بينما أقدمت على حذف الصفحات الكبرى الداعمة لفلسطين والتى تحاول نشر حقيقة ما يحدث  في فلسطين.
وفي المقابل اكد ان “قناة الجزيرة” غطت بمهنية واحترافية عالية لدرجة انها كانت عين العالم على ما يحدث في غزة
وقال:قناة الجزيرة الفضائية هي قناةٌ إخبارية عالمية التوجه عربية الانتماء، تأسست عام 1996م  التزمت في تغطيتها الحرب على غزة  تقديم المعلومة الدقيقة والخبر الأكيد بمهنية وموضوعية. بهدف ربط الشارع بالأحداث حول العالم، وجمعت بين قوّة الكلمة، وعمق القصة، وسابقيه الخبر ومصداقيته ونبذت في تغطيتها العدوان والعنف والقمع والمجازر.
وكانت العين الثاقبة لما يحدث في غزة من حرب إبادة تشنها اسرائيل دون هوادة على المدنيين الفلسطينيين فترصد تلك المجازر ومعاناة الغزاويين وصمود المقاومة وسادية الاحتلال استطاعت قناة الجزيرة ان تكسر حاحز العمى الاعلامي الذي ارادته تل ابيب وواشنطن والعديد من العواصم الاوروبية بتواطئ واضح مع الكثير من الاعلام الغربي الذي يدعي أنه حر لكنه مقيد مثل الكلب من الصهاينة وينبح بدعايتهم كل ذلك من اجل تمرير الارتكابات والمجازر خلسة بعيدا عن اعين الجمهور،وأن اضطرار بعض تلك القنوات للتعاطي مع الحدث لاحقاً انما تم بسبب ضغط الصورة التي نقلتها الجزيرة الى العالم فأحرجت تلك القنوات واخرجتها عن صمتها بشكل نسبي.
ولفت الى ان تاريخ السابع من أكتوبر/تشرين الأول،فاجئ “طوفان الاقصى” العالم الذي تتطلب نفساً عميقاً لفهم ما يجري ذلك الترف غير موجود في اللغة الاعلامية فكانت “قناة الجزيرة”كعادتها مستعدة لكل طارئ ومع اندلاع الحرب على غزة سلطت هوائها المفتوح على المسرح الفلسطيني بكواليسه الاقليمية والدولية بما يتطلب من اعين ثاقبة في الداخل الفلسطيني وخارجه من رصد للمجريات المتعلقة في الحرب والمؤثرة فيها السياسية والدبلوماسية والعسكرية والجماهيرية فاطلقت الجزيرة عدة برامج تحليلية مواكبة اشترك فيها شبكة من المراسلين والعديد من المحللين المرموقين
وفيما بدا انه تشارك ابداعي الى جانب اهم أسماء مراسلي الجزيرة في فلسطين المعروفين،استعانت بصحفيين محليين بغزة، لتغطية الأخبار في شمالها، بعد خروج مراسلي القناة نحو الجنوب،فكانوا قيمة اعلامية مضافة بحيويتهم ومرونتهم.
والى جانب ادوات التواصل الاجتماعي المعروفة، أطلقت خدمة “غزة تتواصل” وخدمة البث الإذاعي بعد الانقطاع المستمر للكهرباء والاتصالات بسبب العدوان الإسرائيلي على القطاع.
واشار الى ان بايدن وادارته ونتنياهو وحكومته كانوا يخشون دخول الصحفيين الى غزة ورؤية الدمار وتوثيق الفظائع والمجازر ما من شأنه تحول الرأي العام خصوصاً الغربي عن دعم اسرائيل وانقلاب الامريكيين على ادارتهم والمشروع الاستعماري الذي يرتكب ابادة جماعية ولا يريدون للحقيقة ان تظهر لذلك يستهدفون الصحفيين بالمنع والتهديد والاعتقال والإيذاء والقتل،وقد فاق عدد الشهداء الصحفيين الذي اغتالتهم اسرائيل في حربها الحالية على غزة حتى الان (133) شهيداً.
ورأى ان كاميرات وميكروفونات شاشات أميركية وأوروبية عريقة رضخت او تواطئت ،وتوقفت عند تاريخ السابع من أكتوبر/تشرين الأول،وانشغلت بالتركيب وسرد آحادية الرواية الصهيونية ومفادها ان اسرائيل تخوض حرباً بهدف انقاذ الحضارة الغربية وقيمها وهذ دليل ان اسرائيل هي مشروع استعماري استيطاني محدد بجزوره الاوروبية
كتب تيودور هرتزل قائلاً: يجب علينا ان نشكل جزءاً من متراس اوروبا ضد آسيا وهو موقع امامي للحضارة في مواجهة الهمجية وهذا هو بالضبط نفس الخطاب الذي يعيد انتاجه نتنياهو لانه يقول الفلسطينيين متوحشون ويعارضون القيم الغربية لانه يعلم ان هذا يروق للعنصريين والمساعدة في صنع الموافقة على ما تفعله اسرائيل وما يفعله هو تحويل الشعب الفلسطيني الاصلي من شعب له الحق في المطالبة الكاملة بارضه الى شعب غير عقلاني متوحش متخلف لا ترتبط كراهيته وازدرائه للمشروع الصهيوني بشيئ اكثر من معاداة السامية وحقيقة انه ببساطة يعارض القيم الغربية.
في هذا الوقت كانت الجزيرة تكشف ما ترتكبه قوات الاحتلال في عموم فلسطين لا سيما في غزة من جرائم جماعية وإبادة انسانية، وأن مأساتهم لابد أن يراها العالم وتقول: انك اذا استمعت فعليا الى الفلسطينيين كبشر والى مطالبهم فسوف تدرك انهم هم من يتشاركون مع المتحضرين الحقيقيين القيم النبيلة والاصيلة وهذا يرعب الحكومات الغربية في مصالحها الجيوسياسية داخل المنطقة وان الوعي الذي بدأ يتشكل لن يسمح لاسرائيل بالاستغراق في خيالاتها الاستعمارية الاستيطانية .
جوهر هذة التغطية الإعلامية التي اعتمدتها قناة الجزيرة،لم تُرض قادة جيش الاحتلال الإسرائيلي،فأخذت بالتضييق عليها واستهداف مراسيليها واسرهم وعائلاتهم بالتهديد والقتل،ونقلت القناة 13 الإسرائيلية عن محرر الشؤون الفلسطينية لديها،تسفي يحزقيلي تأكيده بأن عائلة وائل الدحدوح كانت هدفا لقصف الجيش، مؤكدا أنهم يعرفون ما يضربون بالضبط.
ومع الاعتداءات المتكررة على الصحفيين وبطرق متعددة ينبغي التحذير من ازدياد خطورة العمل الصحفي في غزة لان الحرية عند تل ابيب تنتهي حينما يبدأ الحديث عن فلسطين.وعلى ما يبدو اسرائيل ماضية في استكمال مجازرها وماضية في محاولة حجب الحقائق عن الرأي العام وهذا يتطلب وقفة اعلامية تضامنية عاجلة على مستوى العالم لانه لا يمكن الاستسلام لرغبات اي قوة اجرامية غاشمة تستهدف القيم الانسانية والاعلامية.
مؤخراً لاحظنا تبدل في الموقف الاعلامي الغربي وايضاً في الموقفين السياسي والشعبي والفضل في ذلك يعود الى صمود الشعب الفلسطيني ومقاومته والدور المهم المماثل لقناة الجزيرة والاهم هو دور الصحفيين الفلسطينيين في غزة والنشطاء الاعلاميين في هذا المجال
لقد بدأت تتزايد تكذيبات الرواية الاسرائيلية في الاعلام الغربي كما بدات تظهر معالم تحول سياسي حيال الحرب لكنه غير كاف دون عملية محاسبة لمجرمي الحرب الصهاينة.
وفي الجزء الثاني من اللقاء تم فتح باب الحوار للنقاش حيث تم التفاعل بشكل عميق وكبير.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »